الفتاوى

تسجيل البيت بإسم الزوجة للحصول على إيجار

أنا موظف عام خصص لي إيجار سكن سنوي بملغ محدد، وشاءت الأقدار أن صاحب المنزل المستأجر طالب بإخلاء المنزل، والآن ـ والحمد لله ـ اكتمل بناء منزلي الخاص؛ حفاظاً على هذا المكتسب من الوظيفة هل يجوز لي أن استأجر منزلي بعد أن أقوم بتحويل ملكيته إلى زوجتي؛ علماً بأن منزلي في نفس منطقة الإيجار وأن إيجاره أعلى من الذي يدفع لمستأجر آخر؟ وأفيدوني عن شرعية هذا الإيجار بعد أن استفتيت قلبي ولم أر ضرراً يقع على آخر بل أحافظ على منزلي!!!

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

أولاً: اعلم ـ بارك الله فيك ـ أن استفتاء القلب المذكور في حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال {جئت تسأل عن البر؟} قلت: نعم, قال {استفت قلبك؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك} رواه أحمد والدرامي وحسَّنه النووي ليس معناه اتباع الهوى، وأن يتشهى الإنسان من الأحكام ما يريد؛ وإنما معناه ـ كما قرر أهل العلم ـ هو أن من تعارضت عنده أقوال العلماء فإنه يجب عليه أن يقلِّد من كان ثبتاً في دينه أقوى في علمه؛ فإن لم يترجح عنده شيء رجع إلى قلبه؛ فما وجد في صدره منه حرجاً تركه وابتعد عنه. يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: إذا كان التردد من جهة اختلاف المفتين، اختلاف المجتهدين في مسألة، فاختلف المجتهدون في تنزيل واقعة هذا المستفتي على النصوص؛ فمنهم من أفتاه بكذا، ومنهم من أفتاه بكذا. فهذا ليس الإثم في حقه أنْ يبقى مع تردُّدِ نفسه، ليس الإثم في حقه أن يزيل تردد نفسه، وليس البر في حقه أن يعمل بما اطمأنت إليه نفسه خارجا عن القولين، بل البر في حقه ما اطمأنت إليه نفسه من أحد القولين؛ لأنه لا يجوز للعامي أنْ يأخذ بقول نفسه مع وجود عالم يستفتيه، بل إذا استفتى عالما، وأوضح له أمرَه وأفتاه فإن عليه أن يفعل ما أفتاه العالم به، فإذا اختلف المفتون فإنه يأخذ بفتوى الأعلم الأفقه بحاله

ثانياً: المعاملة التي تسأل عنها تحكمها اللوائح والأنظمة التي تضبط العلاقة بينك وبين الجهة المخدِّمة لك؛ والذي أعلمه أن عقود العمل تتيح للمستخدم سكناً يستأجره أو بدل سكن يُبذل له إن كان يملك سكناً، وفي مثل حالتك أنت تريد تسجيل البيت باسم زوجتك من أجل أن تتقاضى إيجاراً هو في الواقع أعلى بكثير من بدل السكن الذي تتيحه لك وظيفتك فيما لو قبضته مضافاً إلى راتبك، وفي هذا تحايل على الأنظمة؛ وما ينبغي لك ذلك، وأنت مأجور على تحريك في أمر دينك وحرصك على الحلال، والله الموفق والمستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى