تحويل الأموال من الخارج
شخص خارج السودان يحول أموال المغتربين إلى أهلهم في السودان بفائدة ويحاول تحقيق شرط التقابض لكن أحياناً تحول الظروف دون ذلك. فما حكم المال الذي يربحه. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فيا أخي شرط التعامل في الصرف هو التقابض بمعنى أن تدفع العملة التي عندك وتقبض ما يقابلها من العملة الأخرى في ذات اللحظة دون تأخير، سواء كان القبض نقداً أو شيكاً معتمداً بتاريخ اليوم نفسه؛ بحيث يمكنك صرفه في ذات الوقت لو أردت، ودليل اشتراط التقابض قول النبي صلى الله عليه وسلم (ولا تبيعوا غائباً منها بناجز) وحديث ابن عمر رضي الله عنهما (وَنَهَى عَنِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ) رواه البخاري، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ) وفي موطأ مالك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: (لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا شَيْئًا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ وَإِنْ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا) ومن حديث القاسم بن محمد أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: (الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَالصَّاعُ بِالصَّاعِ وَلَا يُبَاعُ كَالِئٌ بِنَاجِزٍ) قال الباجي رحمه الله تعالى في المنتقى: قَوْلُهُ: (وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالذَّهَبِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ نَاجِزٌ) مَنَعَ مِنْ تَأَخُّرِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الصَّرْفِ عَنْ حَالِ النَّقْدِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْأَجَلَ فِي الصَّرْفِ وَالْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ النَّاجِزَ هُوَ مَا نَجَزَ الْقَبْضُ فِيهِ حَالَ الْعَقْدِ وَالْغَائِبُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا غَابَ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ حَالَ الْعَقْدِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي كُمِّ الصَّيْرَفِيِّ أَوْفَى تَابُوتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا غَابَ عَنْ الْحُضُورِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِيهِ لِمُقَابَلَتِهِ بِالنَّاجِزِ.ا.هـــــ
والشاهد من هذه الأحاديث قوله (ولا تبيعوا غائباً بناجز) وذلك في الذهب والفضة، ويقاس عليهما كل ما اتخذه الناس ثمناً للأشياء وقيماً للمتلفات، فلا يجوز بيع عملة حاضرة بأخرى غائبة، بل لا بد من وجود العوضين في مجلس العقد، فإذا كان هذا الشخص ملتزماً بذلك الشرط محاولاً تحقيقه قدر إمكانه فلا حرج عليه في ذلك التعامل والفائدة التي يتقاضاها حلال إن شاء الله، وما يحصل إحياناً مما هو خارج عن وسعه لا يؤاخذه الله به، والله تعالى أعلم.