الفتاوى

حقوق الجار في البناء

السلام عليكم حسب بيئتنا السودانية أسكن في بيت عادي أرضي وبجوارنا بيتان يطلان على بيتنا أحدهما سطوح، والآخر به صالة حائطها زجاج وبلكونة، أي من بداخل الصالة ممكن أن يرى بيتنا الذي به الحوش والحمام والمطبخ، وتكلمنا معهم مرات ومرات ولكنهم اكتفوا بأن عملوا الزجاج من النوع المظلل. السؤال: هل عليَّ إثم إن رآني رجل أو ولد وأنا في بيتي بدون حجاب (علماً بأن كل من يدخل الشقة العليا أو يخرج منها لابد من أن يقع نظره على بيتنا) وإذا كان ذلك لا يصح فماذا على أن أفعل؟ ملحوظة: لا نملك أي مال للتعديل في خرطة بيتنا.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

فالواجب على المسلم أن يرعى حرمة الجار ولا يؤذيه بقول أو فعل؛ لأن الله تعالى أوصى بذلك حين قال {والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب} وقال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» وقال «ما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» وفي شعب الإيمان من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ دُونَ جَارِهِ مَخَافَةً عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ فَلَيْسَ ذَاكَ بِمُؤْمِنٍ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ لَمْ يَأْمَنْ جَارُهُ بَوَائِقَهُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْجَارِ: إِذَا اسْتَعَانَكَ أَعَنْتُهُ، وَإِذَا اسْتَقْرَضَكَ أَقْرَضْتَهُ، وَإِذَا افْتَقَرَ عُدْتَ عَلَيْهِ، وَإِذَا مَرِضَ عُدْتَهُ، وَإِذَا أَصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأْتَهُ، وَإِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ عَزَّيْتَهُ، وَإِذَا مَاتَ اتَّبَعْتَ جِنَازَتَهُ، وَلَا تَسْتَطِيلُ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ تَحْجُبُ عَنْهُ الرِّيحَ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تُؤْذِيهِ بِقُتَارِ قِدْرِكَ إِلَّا أَنْ تَغْرِفَ لَهُ مِنْهَا، وَإِنِ اشْتَرَيْتَ فَاكِهَةً فَاهْدِ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَأَدْخِلْهَا سِرًّا، وَلَا يَخْرُجُ بِهَا وَلَدُكَ لِيَغِيظَ بِهَا وَلَدَهُ، أَتَدْرُونَ مَا حَقُّ الْجَارِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَبْلُغُ حَقُّ الْجَارِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ رَحِمَ اللهُ» فَمَا زَالَ يُوصِيهِمْ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ

وعليه فإن الواجب على هذا الجار أن يحفظ حرمة جاره فيغلق تلك النوافذ التي تطل عليه وتكشف عورته، والواجب على الجهات المصدقة بالبناء أن تراعي ذلك؛ من أجل ألا يعدو الناس بعضهم على بعض، وأما أنت فتحفظي قدر الاستطاعة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والله الموفق والمستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى