النهي عن الغيلة
السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته، شيخنا الفاضل أحبكم في الله وأرجوا منكم صالح الدعاء، عندي سؤال وهو عن حديث النبي صلي عليه وسلم (لا تقتلوا أولادكم سرا، فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه) أخرجه أبو داود وابن ماجه في سننهما. ما درجة صحة الحديث، وأرجو تفسيره تفسيرا دقيقا؟ وأرجو شرح الغيل، أكرمكم الله وحفظكم أفيدونا جزاكم الله خيرا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأحبك الله الذي أحببتني فيه، أما بعد
فالحديث صحيح رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي، والغيل كما قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في معالم السنن: أن يجامع الرجل المرأة وهي مرضع، يقال منه أغال الرجل أغيل والولد مُغال ومغيل ومنه قول امرىء القيس: فألهيتها عن ذي تمائم مُغَيل
وقوله (يدعثره عن فرسه) معناه يصرعه ويسقطه، وأصله في الكلام الهدم، يقال في البناء قد تدعثر إذا تهدم وسقط يقول صلى الله عليه وسلم: إن المرضع إذا جومعت فحملت فسد لبنها ونهك الولد إذا اغتذى بذلك اللبن فيبقى ضاوياً فإذا صار رجلاً فركب الخيل فركضها أدركه ضعف الغيل فزال وسقط عن متونها فكان ذلك كالقتل له إلاّ أنه سر لا يرى ولا يشعر به.ا.هـــ
يريد أن سوء أثر الغيل في بدن الطفل وإفساد مزاجه وإرخاء قواه لا يزال يلاقيه إلي أن يشتد ويبلغ مبلغ الرجال، فإذا أراد منازلة قرن في الحرب، وهن عنه وانكسر، وسبب وهنه وانكساره الغيل. لكن حديثاً آخر رواه مسلم في صحيحه عن جدامة بنت وهب الأسدية رضي الله عنها يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، فوجدت فارس والروم يفعلون ذلك فلا يضر أولادهم) والجمع بين الحديثين أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل أثر الغيلة إبطالا لزعم أهل الجاهلية، واعتقاد أنه سبب مستقل مؤثر في نفسه، وقوله (فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه) إثبات لضرره؛ لا أنه سبب ولكن المؤثر الحقيقي هو الله تعالي. أو يحمل النهي في حديث أسماء على التنزيه، ويحمل قوله في حديث جدامة (لقد هممت) أن النهي على التحريم، والعلم عند الله تعالى.