سمات المنهج ومعالمه الدعوية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن الأمة الإسلامية تعرضت وتتعرض لجملة من الفتن التي أدت إلى تشتتها وتفرقها، ومن هذه الفتن الاختلاف والتشرذم الفكري الذي أدى إلى التفرق في الدين والخروج عن الجادة فانحرفت وضلت وأضلت، كما قال صلى الله عليه وسلم {افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة}([1]) فكان هذا هو السبب الأول في تفرق الأمة وتشرذمها. وإن كان هذا ليس موضوعنا إلاَّ أنه يمثل مدخلاً له، كون السبب لهذا التشرذم الفكري يرجع إلى الخلط بين (المحكم والمتشابه من نصوص الشرع. ولا خروج من هذه الفتنة إلاَّ بتمييز بعضها عن بعض.
وأما الفتنة الثانية وهي وإن كانت دون الأولى في الخطورة، إلاَّ أنها لا تقل شأناً لما يترتب عليها من أضرار قد تهدم كيان أمة الإسلام.
هذه الفتنة تتمثل في التشرذم التنظيمي في كيان أمة الإسلام الذي أدى بدوره إلى تعدد الرايات واختلاف المسميات.
ولن نتحدث عن ضرورة الوحدة بين المسلمين وأن الجماعة رحمة والفرقة عذاب وعن دور هذه الفتنة في إحداث شرخ فيها.
لكن ما ينبغي أن ننبه عليه هو القول بجواز ومشروعية تعدد الجماعات والكيانات الإسلامية المنطوية تحت لواء ـ فرقة ـ أهل السنة والجماعة، ذلك أن الاجتماع على الخير والدعوة إليه وعلى النهي عن المنكر ومحاربته مندوبة، بل قد تكون واجبة إن لم يرتفع المنكر إلا بجماعة أو لا يقوم الخير والدعوة إلا بجماعة، فما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب كوجوبه. ولست هنا بصدد التأصيل الشرعي لقيام الجماعات الإسلامية إذ ليس هذا موضوعنا
[1] ـ رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني في السلسلة 1/404