علاج العجب والغرور
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته حفظكم الله شيخنا. شيخ ما هو علاج العُجب والغرور بالعبادة مع انني مثلا أصلي واقول الحمد الذي هداني واعانني ولكن أقولها بقلبي ونفسي معجبة ومتكبرة فهل من نصيحة جزاكم الله خيرا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد
قال الغزاليّ رحمه الله تعالى في الإحياء: علّة العجب الجهل المحض، ومن أعجب بطاعته (مثلا) فما علم أنّها بالتّوفيق حصلت، فإن قال: رآني أهلا لها فوفّقني، قيل له:
فتلك نعمة من منّه وفضله فلا تقابل بالإعجاب.
وقال الغزاليّ: وعلاجه المعرفة المضادّة لذلك الجهل، أي معرفة أنّ ذلك الّذي أثار إعجابه نعمة من الله عليه، من غير حقّ سبق له، ومن غير وسيلة يدلي بها، ومن ثمّ ينبغي أن يكون إعجابه بجود الله وكرمه وفضله. وإذا تمّ علم الإنسان لم ير لنفسه عملا ولم يعجب به لأنّ الله هو الّذي وفّقه إليه. وإذا قيس بالنّعم لم يف بمعشار عشرها، هذا إذا سلم من شائبة وسلم من غفلة، فأمّا والغفلات تحيط به، فينبغي أن يغلّب الحذر من ردّه ويخاف العقاب على التّقصير فيه.
هذا في علاج العجب إجمالا، أمّا علاج حالاته تفصيلا فإنّ ذلك يختلف باختلاف ما يحدث به العجب:
فإن كان ناشئا عن حالة البدن وما يتمتّع به صاحبه من الجمال والقوّة ونحوهما، فعلاجه التّفكّر في أقذار باطنه، وفي أوّل أمره وآخره، وفي الوجوه الجميلة والأبدان النّاعمة، كيف تمرّغت في التّراب وأنتنت في القبور حتّى استقذرتها الطّباع.
وإن كان العجب ناشئا عن البطش والقوّة، فعلاج ذلك أنّ حمّى يوم تضعف قوّته، وأنّها ربّما سلبت منه بأدنى آفة يسلّطها الله عليه.
وإذا كان العجب بالعقل والكياسة، فعلاجه شكر الله تعالى على ما رزق من عقل، والتّفكّر في أنّه بأدنى مرض يصيب دماغه، كيف يوسوس ويجنّ بحيث يضحك منه.
وإن كان العجب بالنّسب الشّريف، فعلاجه أن يعلم أنّه إن خالف آباءه في أفعالهم وأخلاقهم وظنّ أنّه ملحق بهم فقد جهل، وإن اقتدى بهم فما كان العجب من أخلاقهم، وأنّهم شرفوا بالطّاعة والعلم والخصال الحميدة.
وإذا كان العجب بنسب السّلاطين الظّلمة وأعوانهم، فعلاجه أن يتفكّر في مخازيهم، وأنّهم ممقوتون عند الله تعالى، وما بالك لو انكشف له ذّلهم يوم القيامة.
وإذ كان العجب بكثرة الأموال والأولاد والخدم والأقارب والأنصار، فعلاجه أن يعلم ضعفه وضعفهم وأنّ للمال آفات كثيرة، وأنّه غاد ورائح ولا أصل له.
أمّا إذا كان العجب بالرّأي الخطأ، فعلاجه أن يتّهم الإنسان رأيه وألّا يغترّ به