تفسير

عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ

شيخنا الفاضل: عبد الحي يوسف

ما الحكمة من قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}؟ حيث إن الله سبحانه وتعالى قال {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفاً} ثم قال {الآن خفف الله عنكم وعلم فيكم ضعفاً …. الآية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

فهذا نوع من النسخ يسميه الأصوليون بنسخ الأثقل بالأخف، بمعنى أن الله تعالى قد يبتلي عباده بتشريع ما ثم ينسخه بما هو أخف منه؛ ومثاله أن الله تعالى فرض على العباد خمسين صلاة في كل يوم وليلة، ثم نسخ ذلك بإيجاب خمس صلوات فقط، ومثاله كذلك ما كان في أول تشريع الصيام حين كان يحرم على الصائم إذا نام بالليل في أي ساعة أن يتناول بعدها طعاماً أو شراباً إلى مغيب شمس اليوم الذي يليه؛ فنسخ الله ذلك بقوله {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}

وفي تشريع القتال أوجب الله على المؤمن أن يصبر في مواجهة عشرة من الكفارة فقال {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا}  ثم نسخ ذلك بما هو أخف فأوجب على المؤمن أن يصبر في مواجهة اثنين فقط فإن زاد العدد جاز الفرار؛ فقال سبحانه {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألفي يغلبوا ألفين بإذن الله} قال أهل العلم: ومن خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجب عليه الثبات أمام العدو وإن كانوا ألفاً، والله تعالى أعلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى