حكم فرقعة الأصابع
هل طرقعة الأصابع حلال أم حرام؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فقد ذهبَ بعضُ العلماءِ إلى كراهةِ فَرْقَعَة الأَصَابِعِ في المسجد، وخصَّه بعضُهم بالصلاة، كما قال ابن قدامة: “يُكرَه فرقعةُ الأصابع في الصلاة” [المغني 3/123]، وقال صاحب المدونة: “سَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ أَنْ يُفَرْقِعَ الرَّجُلُ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلاةِ” [المدونة 1/261]؛ وذلك لأنَّ فَرْقَعَةَ الأصابعِ في الصلاةِ علامةٌ على غيابِ الخشوع؛ وإذا خشعَ القلبُ خشَعت الجوارح، وأما حديثُ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ {لا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ}، فهو مَعْلُولٌ بِالْحَارِثِ الأعور، كما أفادَه الزيلعي رحمه الله في [نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية 3/102]. فالأوْلَى تركُ فَرْقَعَةِ الأصابِعِ في الصلاةِ؛ لِمُنافاةِ الخشوع وتركُها في المسجدِ إنْ خشِيَ التشوِيشَ على غيرِه.
وقد ثبتَ في السُّنة جوازُ العملِ القليلِ في الصلاةِ عند الحاجة إليه، وقد ترجَمَ البخاري رحمه الله باب (إِذَا كُلِّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَاسْتَمَعَ) وباب (الإِشَارَةِ فِي الصَّلاةِ) وروى عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ تُصَلِّي قَائِمَةً وَالنَّاسُ قِيَامٌ فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَقَالَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ).. وقد روى البخاري في بَاب (مَا يَجُوزُ مِنْ الْعَمَلِ فِي الصَّلاةِ) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (كُنْتُ أَمُدُّ رِجْلِي فِي قِبْلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَرَفَعْتُهَا فَإِذَا قَامَ مَدَدْتُهَا). وقد رفع الصِّدِّيقُ رضي الله عنه يديه في الصلاة كما روى البخاري في بَاب (رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ لِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ) حين أمَرَه النبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ {فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَدَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى لِلنَّاسِ). والله تعالى أعلم.