فقه السفر
السلام عليكم ورحمة الله، حياك الله يا شيخنا عبد الحي وسلّمك من كل سوء، وبعد فأستفتيكم في تلكم المسائل:
1- أيُّ المكانيْن أفضل للمأموم في الصف الأول في منتصفه خلف الامام أم في الميمنة؟
2- هل هناك دليل ثابت في تحديد مسافة السفر المُجيزة لقصر الصلوات؟ فإن لم يكن فما مُعْتمَد المالكيّة في تحديدها؟
3- قال لي قائل إن الإنسان يجوز له أن يجمع صلاتيْن تقديماً أو تأخيرا من غير سفر أو مشقة شديدة، كأن يكون في السوق ليبتاع شيئاً ما، فإنه إذا نودي لصلاة الظهر مثلا له أن يجمعها مع العصر تأخيراً. وقال أيضاً إن قصر الصلوات لا يجوز إلا لمن سافر من مكان إقامته إلى مكان آخر بصرف النظر عن الأيام التي يقضيها هناك إذْ لم يرد دليلٌ في تحديدها أربعة أيام صحاح، وإن الانسان إذا انتقل من بلد أجنبي يعمل هناك إلى بلده الأصلي ليقضي هناك يومين أو ثلاثة ثم يرجع إلى عمله فلا يجوز له القصر سواء كان متزوجاً أو لا، لأنه في مكان إقامته. أَمُصيبٌ هو في كل هذا؟
بارك الله فيكم وأحسن إليكم وجزاكم عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فمن كان من أهل القرآن وأصحاب الفقه في الدين فخير له أن يصلي خلف الإمام؛ عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسـلم “ليلني منكم أولو الأحلام والنهى” ولعل الإمام يحتاج إلى من يفتح عليه إذا نسي، أو يذكره إذا سها أو ينوب عنه إذا طرأ له طارئ في صلاته، وأما إن لم يكن من أولي الأحلام والنهى فخير له أن يصلي على ميمنة الصف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسـلم «إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ» رواه أبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها
وأما تحديد المسافة التي تبيح القصر في السفر فهي مأخوذة من جملة من الأحاديث منها ما رواه مسلم عن شعبة عن يحيى بن يزيد الهنائي قال: سألت أنساً عن قصر الصلاة فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين) شعبة الشاك. وحديث ابن عباس عند الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان) وفي المسألة خلاف طويل حتى عد الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فيها نحواً من عشرين قولا
وأما الجمع فقد ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ. فَقِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. رواه أبو داود والنسائي والترمذي، فمن احتاج إلى الجمع جاز له ذلك شريطة ألا يتخذها عادة وديدنا، والله الموفق والمستعان.