منكرات في الزواج فهل أشارك؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .ما كانت عادتي أبداً أن أقوم بحضور (الصبحيات) رقص العروس لا لصديق ولا لقريب لأني أجد فيه خدشاً للحياء وابتذالاً وتعريا؛ إلا أن زواج أخي سيشمل هذا، وأجد في حضوري له ثقل على نفسي وأن أشذ وأغيب عن مناسبة أخي أيضا ثقيل؛ أود أن أعرف ما حكم الشرع علماً بأن تفاصيل المناسبة (الصبحيه ) يشمل لبس العروس غير الشرعي والأقرب للعري وهز الخصر وقد سمعت أن ذلك لا يجوز. أيضاً هناك الدخلة (الزفاف) و (حنة العريس) كل تلك فيها غناء ورقص واختلاط. سؤالي هل يجوز لي حضور رقص العروس صلة لرحم أخي؟ وهل يجوز لي حضور الزفاف والحنة علماً بأني محجبة وأغطي وجهي وألتزم بتغطية وجهي بالذات في مثل هذه الأماكن. وهل يجوز لي مشاركتهم بالوقوف في مكان الرقص والتصفيق؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فبداية لا بد من تقرير أن المسلم لا يجوز له الحضور في الأماكن التي يعصى فيها الله تعالى؛ سواء ثقل ذلك على نفسه أم خف؛ لقوله سبحانه {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: فَدَلَّ بِهَذَا عَلَى وُجُوبِ اجْتِنَابِ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ مُنْكَرٌ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَجْتَنِبْهُمْ فَقَدْ رَضِيَ فِعْلَهُمْ، وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ). فَكُلُّ مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسِ مَعْصِيَةٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ يَكُونُ مَعَهُمْ فِي الْوِزْرِ سَوَاءً، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِمْ إِذَا تَكَلَّمُوا بِالْمَعْصِيَةِ وَعَمِلُوا بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّكِيرِ عَلَيْهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ عَنْهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَخَذَ قَوْمًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَقِيلَ لَهُ عَنْ أَحَدِ الْحَاضِرِينَ: إِنَّهُ صَائِمٌ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْأَدَبَ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) أَيْ إِنَّ الرِّضَا بِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ، وَلِهَذَا يُؤَاخَذُ الْفَاعِلُ وَالرَّاضِي بِعُقُوبَةِ الْمَعَاصِي حَتَّى يَهْلَكُوا بِأَجْمَعِهِمْ.ا.هــــــــ
وأما رقيص العروس فلا بأس بأن ترقص مع النساء ما دام الأمر محصوراً فيهن قاصراً عليهن، وليس هناك من رجل؛ شريطة ألا تلبس من الثياب ما يظهر ما أمر الله بستره، وبيان ذلك أن المرأة تبدي أمام النساء ما جرت به العادة من شعرها ونحرها وذراعيها وأسافل ساقيها؛ ولا حرج في مشاهدة النساء إياها على تلك الهيئة؛ أما أن تبدو أمامهن شبه عارية وتظهر صدرها وظهرها وما يجسم عورتها المغلظة فلا يحل لها ذلك، ولا يحل للنساء مشاهدتها على تلك الحال
ولا بأس بأن يغني النساء في العرس أو تغني إحداهن ولا بأس باستعمال مكبر الصوت إذا كان الصوت لا يبلغ الرجال، بل هو محصور في وسط النساء شريطة ألا تتضمن الكلمات فحشاً أو خنا، فإذا روعيت هذه الضوابط فلا حرج عليك في الحضور؛ بل أنت مأجورة بنيتك إذا قصدت صلة رحمك وإدخال السرور على أخيك. أما إذا كان الحال كما وصفت من عري وتغنج واختلاط فلا يحل لك حضور مثل ذلك المجلس البتة؛ حذراً من الوعيد الوارد في الآية؛ بل لعل في غيابك ما ينبه القوم إلى خطر ما هم فيه من افتتاح الحياة الزوجية بمعصية الله بدل شكره جل جلاله. وقبل ذلك لا بد من بذل النصح لأخيك وعروسه بأن يتقيا الله الذي أنعم عليهما؛ وبيان أن حقه جل جلاله أن يطاع ولا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى. والله الموفق والمستعان.