أخبار
تعزية في وفاة العالم الفاتح حسنين
رحم الله الداعية الفذ والشيخ المبارك أبا محمد الفاتح علي حسنين، اللهم ارحمه، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، اللهم أفسح له في قبره، ونوِّر له فيه، وجازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفرانا، واجعل روحه في عليين، وتقبله في عبادك الصالحين
رحم الله من عاش يحمل همّ دعوته، ويعمل لنصرة دينه، ويهتم بأمر إخوانه
رحم الله الهاش الباش، الرحيم الودود، الجواد الكريم
تمثلت في شخصيته قوة الإسلام، فكان – بحق – المؤمن القوي، وكانت الدنيا في يديه ولم تكن في قلبه
لما زرته في المشفى قبل سنوات بصحبة شيخنا العلامة محمد الحسن الددو جلسنا معه وقتاً طويلاً، ثم لما أردنا الانصراف صار يلح علينا ويقول: اقعدوا اتعشوا!! فضحك الشيخ الددو وقال لي: أبى الشيخ إلا أن يكون كريماً على كل حال، حتى وهو في المستشفى
حين استقر بي النوى في استنبول رأيت من تقدير الناس له وإقبالهم عليه وحرصهم على لقائه شيئاً عجيباً هي بشرى خير له إن شاء الله؛ فإن الله تعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل: إني أحب فلاناً فأحبَّه؛ فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه؛ فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض. وأحسب أخانا دكتور الفاتح من هؤلاء.
كان مبدعاً في طريق دعوته، مبتكراً لأساليب لم يعهدها الناس، طارقاً أبواباً غفل عنها أترابه وأنداده، وفي الوقت نفسه لا يعتريه غرور ولا ينتابه عجب، بل دماثة الأخلاق شعاره ودثاره؛ ولا زلت أذكر – وأنا حديث عهد بالدعوة – وكان ذلك سنة 1989 حين عرض عليَّ الانتقال من أبي ظبي إلى النمسا للعمل في أحد المراكز الإسلامية هنالك!!
ولما زرته في مرضه الأخير، وكان التعب قد بلغ منه أقصاه، حادثته ومازحته وكلما أردت الانصراف أمسك بيدي بقوة، فقلت له: من آداب عيادة المريض ألا يطيل العائد المكث عنده؛ فكان رده: إلا إذا رغب المريض
أقول لزوجه – أم محمد – ولأولاده: إن في الله تعالى عوضاً من كل هالك، فبالله ثقوا وإياه فارجوا، فإن المصاب من حُرم الثواب
أحسن الله عزاءنا وعزاءكم، وجبر مصابنا ومصابكم، وغفر لأخينا الأكبر وشيخنا المقدَّم المبجل الفاتح علي حسنين، ورزقه صحبة محمد صلى الله عليه وسلم في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر