هل سُحر النبي صلى الله عليه وسلم؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جمعة مباركة وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال. هل سحر النبي صلى الله عليه وسلم لأن بعض الناس يضعف حديث هذا السحر وينكرون ذلك؟ أفتونا شيخنا وجزاك الله خيرا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد
فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سُحر حتى إنه ليخيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، وإنه قال لها ذات يوم: (أشعرت أن الله تعالى أفتاني فيما استفتيته؟ إنه أتاني ملكان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب مسحور، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، في مشط، ومشاطة، في جف طلعة ذكر، في بئر ذي أروان) فالحديث – كما ترى – صحيح ثابت، وليس فيه مطعن في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بل هو من قبيل سحر التخييل الذي يمارسه بعض السحرة الأشرار، وقد كان لإصابة النبي صلى الله عليه وسلم حكم بالغة منها:
أولاً: تأكيد بشريته صلى الله عليه وسلم فإصابته بالسحر من جنس إصابته بالأمراض الأخرى كالحمى والصداع، أو إصابته في الحرب بالشج والجرح ونحو ذلك
ثانياً: ابتلاؤه صلى الله عليه وسلم لرفع درجاته، وقد ثبت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل)
ثالثاً: من أجل أن يشرع لأمته كيفية التعامل مع مثل هذه الابتلاءات التعامل الشرعي الخالي من المخالفات
وليس في ذلك شيء من وقوع انتقاص له عليه الصلاة والسلام؛ بل الأنبياء قبله قد حصل لهم من تسلط أعدائهم ما هو أشد من ذلك، ولم يمثل طعناً في نبوتهم؛ قال سبحانه {وقتلهم الأنبياء بغير حق} وقال عن اليهود {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم فريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون}.