رفع اليدين في تكبيرات صلاة الجنازة
ما هو الأفضل مع تكبيرات صلاة الجنازة وصلاة العيدين رفع اليدين أم عدم الرفع؟؟ جزاكم الله خيرا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فهذه المسألة الأمر فيها واسع، وقد اختلف فيها أهل العلم لعدم ورود نص قاطع فيها؛ فعند الحنفية لا يرفع يديه في غير التكبيرة الأولى، وَبِهِ قَال مَالِكٌ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ لاَ تُرْفَعُ الأْيْدِي فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ إِلاَّ فِي أَوَّل تَكْبِيرَةٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ الأْرْبَعِ. وَالرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِهِمُ الأْوَّل – وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الثَّوْرِيُّ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: نُدِبَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الأْولَى فَقَطْ، وَفِي غَيْرِ الأْولَى خِلاَفُ الأْوْلَى. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي كُل تَكْبِيرَةٍ.
قال ابن قدامة في المغني: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَائِزِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَبِهِ قَالَ سَالِمٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَطَاءٌ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالزُّهْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ مَقَامُ رَكْعَةٍ، وَلَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ.
وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ. وَلِأَنَّهَا تَكْبِيرَةٌ حَالَ الِاسْتِقْرَارِ أَشْبَهَتْ الْأُولَى، وَمَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَإِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ يَحُطُّهُمَا عِنْدَ انْقِضَاءِ التَّكْبِيرِ، وَيَضَعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، كَمَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ. وَفِيمَا رَوَى ابْنُ أَبِي مُوسَى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، فَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ.» والعلم عند الله تعالى