السهو في صلاة الجماعة
في الحي الذي تسكن فيه هنالك مسجد يرفع أذان الفجر، وفيه يذكر الصلاة خير من النوم في الأذان الأول!! نرجو توضيح ذلك
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فمن السنة أن تقال هذه الكلمة المباركة في النداء لصلاة الصبح؛ وقد اتفق الأئمة الأربعة رحمهم الله على مشروعية زيادتها في أذان الصبح؛ لما رواه ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي من حديث أنس رضي الله عنه قال {من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم} وصححه ابن السكن ولفظه {كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذن: حي على الفلاح} وروى ابن ماجه من حديث ابن المسيب عن بلال رضي الله عنه {أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه لصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم مرتين فأُقرَّت في تأذين الفجر} فثبت الأمر على ذلك، قال ابن حجر في التلخيص الحبير: وفيه انقطاع مع ثقة رجاله، وذكره ابن السكن من طريق أخرى عن بلال، وهو في الطبراني من طريق الزهري عن حفص بن عمر عن بلال وهو منقطع أيضاً، ورواه البيهقي في المعرفة من هذا الوجه فقال: عن الزهري عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن، أن سعداً كان يؤذن، قال حفص: فحدثني أهلي أن بلالاً فذكره. وروى الطبراني والبيهقي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال {كان الآذان الأول بعد حي على الصلاة حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين. قال ابن حجر: وسنده حسن. وروى النسائي من حديث أبي محذورة رضي الله عنه قال {كنت غلامًا صبيًا فأذنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر يوم حنين، فلما انتهيت إلى حي على الفلاح قال {ألحق فيها الصلاة خير من النوم} وهذه الرواية صححها الإمام ابن حزم رحمه الله.
فالقائلون بأنها في الأذان الأول استدلوا بظاهر حديث ابن عمر الذي فيه {كان الآذان الأول بعد حي على الصلاة حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين} والقائلون بأنها تقال في الأذان الثاني قالوا: إن النداء الأول الذي يكون قبل الفجر في سدس الليل الآخر إنما جُعِل تنبيهاً للناس من أجل أن يغتسل الجنب ويوتر المتهجد، لا من أجل الإعلام بدخول وقت الصلاة، وعليه فإن هذه الكلمة تقال في الأذان الثاني الذي يكون بعد دخول الوقت بطلوع الفجر الصادق، وأما الروايات التي أفادت أنها تقال في الأذان الأول فإنها تُحمل على أن ذلك كان في أول الأمر ثم استقر على أن تكون في الأذان الثاني، أو أن كلمة الأذان الأول مراد بها الأذان الذي قبل الإقامة؛ لأن الإقامة في لسان الشرع يقال لها: أذان؛ كما في حديث {بين كل أذانين صلاة} فالأولية هنا بالنسبة للإقامة، والعلم عند الله تعالى