أحكام الصلاة

تسوية الصفوف في الصلاة

أود الاستفسار عن حكم تسوية الصفوف في الصلاة، وهل تكون التسوية بمحاذاة أصابع الأقدام أم بمحاذاة الكعوب، الرجاء الإرشاد إلى مصدر مفصل في المسالة للاستزادة وجزاكم الله خيرا.

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فإن تسوية الصفوفِ من إقامة الصلاة، كما روى البخاري في (بَاب إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (أَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ). وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ). وفي رواية عَنْ أَنَس (أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقِيلَ لَهُ: مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلا أَنَّكُمْ لا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ).

وروى مسلم في (بَاب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَإِقَامَتِهَا) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ). وعن أبي هريرة: (قَالَ أَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ). وعن النُّعْمَان بن بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ).. وفي رواية عن النعمان (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ، فَرَأَى رَجُلا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنْ الصَّفِّ، فَقَالَ: عِبَادَ اللَّهِ لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ).

ومن السنة في تسوية الصف: إلزاقُ المنكب بالمنكب والقَدَم بالقَدَم، كما روى البخاري في (بَاب إِلْزَاقِ الْمَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالْقَدَمِ بِالْقَدَمِ فِي الصَّفِّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ: رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ).  وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي. وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ). قال ابنُ رَجَب: “حديث أنس هذا يدلُّ على أنَّ تسويةَ الصفوف: محاذاة المناكب والأقدام. وفي حديث النعمان: دلالة على أن الكعب هوَ العظم الناتيء في أسفل الساق، ليس هوَ في ظهر القدم، كما قاله قوم”. [فتح الباري لابن رجب 5/144]. وقال ابنُ بطال: “هذه الأحاديث تُفسِّرُ قولَه عليه السلام: (تراصُّوا فى الصف)، وهذه هيئةُ التراص، وفيه: أنَّ الكعبَ هو العظمُ الناتئ فى أثر الساق ومؤخر القدم، كما قال أهل المدينة”. [شرح ابن بطال 3/427]. وقال ابنُ حَجَر رحمه الله: “هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْقَاسِم الْجَدَلِيِّ وَاسْمُهُ حُسَيْن بْن الْحَارِث قَالَ اَلنُّعْمَان بْن بَشِير يَقُولُ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: (أَقِيمُوا صُفُوفكُمْ ثَلَاثًا، وَاَللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اَللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ. قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْت الرَّجُلَ مِنَّا يَلْزَقُ مَنْكِبه بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ). وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ النُّعْمَان هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَعْبِ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ الْعَظْم النَّاتِئ فِي جَانِبَيْ الرِّجْلِ – وَهُوَ عِنْدَ مُلْتَقَى السَّاقِ وَالْقَدَمِ – وَهُوَ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَلْزَقَ بِاَلَّذِي بِجَنْبِهِ، خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَعْبِ مُؤَخَّر الْقَدَم، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ يُنْسَبُ إِلَى بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَلَمْ يُثْبِتْهُ مُحَقِّقُوهُمْ، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيّ قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْكَعْبَ فِي ظَهْر الْقَدَم”. [فتح الباري 3/77].

والموفَّقُ من حافظ على سُنةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وصلى كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى