يلحن في قراءة الفاتحة
ما حكم من لحن في قراءة سورة الفاتحة في الصلاة (مثلاً قرأ نستعين بكسر النون بدلاً من فتح النون)؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فإن الواجب على جماعة المسلمين أن يختاروا أحسن الناس قراءة وأكثرهم فقهاً ليكون إمامهم في الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا سواء فأعلمهم بالسنة) رواه البخاري، وكذلك على المسئولين عن المساجد ألا يعينوا في هذا المنصب العظيم إلا من ثبتت عدالته وتحققت كفاءته؛ لئلا يكون في قلوب المؤمنين حرج من الصلاة خلف من لا يحسن القراءة أو لا تطيب نفوسهم بالصلاة خلفه؛ لقلة مروءة أو سقوط عدالة. والواجب على من يتصدى لإمامة المصلين أن يتقي الله ويعلم أنها مهمة عظيمة الله تعالى سائله عنها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (يصلون لكم؛ فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم) وعلى الإمام أن يتعلم أحكام الصلاة في شروطها وواجباتها وسننها ومفسداتها، وواجب عليه كذلك أن يقيم لسانه بفاتحة الكتاب ويجتهد في ذلك ما استطاع.
واللاحن في قراءة الفاتحة لا يخلو من حالين: إما أن يكون لحنه جلياً ـ وضابط اللحن الجلي أنه يحيل المعنى ـ كمن قرأ: إياك بتخفيف الياء أو كسر الكاف، أو قرأ: أنعمت بضم التاء، فمثل هذا لا تصح صلاته إلا بمن كان مثله أما إن كان في المأمومين من هو خير منه قراءة فإن صلاة الجميع تبطل، وإن كان اللحن خفياً ـ وضابط الخفي أنه لا يحيل المعنىـ كمن قرأ: الحمد بكسر الدال، أو قرأ: الرحمن بضم النون، أو قرأ: نعبد بكسر الباء، فمثله تصح صلاته لكن خير له أن يتنحى عن الإمامة إبراء للذمة ونصيحة للأمة خاصة مع كثرة الحفاظ المجيدين والعلم عند الله تعالى.