حكم إمداد العدو وإعانته بالسلاح أو المال أو الرأي
في هذه الحرب الضروس التي يشنها أعداء الله على إخواننا المسلمين في غزة لا شك أن إيصال أي نوع من البضائع والسلع لهذا الكيان المغتصِب فيه تقوية وتمكين له -خصوصاً في هذه الأيام خلال هذا المعركة المباركة طوفان الأقصى-، وهو مُسْهمٌ بشكل كبير في إطالة أمد عدوانه وإجرامه؛ لأن المجتمع الصهيوني مجتمع مترف، لا يتحمل انقطاع السلع والمواد الغذائية، فإذا انقطعت أو قلَّت فإنه سيخرج إلى الشوارع مطالباً بوقف الحرب، وهذا من أشد أدوات الضغط على حكومة الاحتلال. وقد انعقد الإجماع على حرمة التعامل مع الكفار الحربيين فيما يتقوون به على المسلمين، حيث بيَّن الشيخ عُلّيش رحمه الله تعالى إجماع العلماء على تحريم إمداد الحربيين بما يتقوون به في ردِّه على استفتاء الأمير عبد القادر الجزائري في واقعة إمداد ملك المغرب الفرنسيين بالطعام والحيوانات بعد أن حاصرهم المجاهدون ثلاث سنين، فكان مما قال: “بيع البقر وسائر الحيوان والطعام والعروض وكل ما ينتفعون به في النازلة المذكورة حرام قطعاً إجماعاً ضرورةً لا يشك فيه مسلم، سواء في حال حصر المسلمين إياهم وفي حال عدمه؛ إذ قتالهم فرض عين على كل من فيه قدرة عليه ولو من النساء والصبيان من أهل تلك البلاد ومن قرب منها”، وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم سلاح التضييق والضغط الاقتصادي مع الكافرين المعتدين فأخرج السرايا والبعوث لمهاجمة قوافل قريش التجارية، وكان سبب غزوة بدر طلبه لعير أبي سفيان.
وعليه فإن منع وصول البضائع للأعداء الصهاينة المحتلين المعتدين يُعَدُّ من أوجب الواجبات الشرعية على المسلمين وذلك منذ احتلالهم لفلسطين إلى أن يسقط احتلالهم، وتعطيل وصول البضائع والمواد إليهم بأية وسيلة من الوسائل من الجهاد المفروض عيناً على كل مسلم، وقد أجمع علماء الإسلام على أن العدو إذا احتل شبراً من بلاد الإسلام فإن الجهاد يصبح فرض عين على أهل هذه البلد وعلى من قرب منهم، وإذا عجزوا عن دفع هذا العدو فإن الفرض العيني يَعُمُّ الأقرب فالأقرب من بلاد الإسلام، فبلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة، وإذا لم تتحقق بهم الكفاية أو تخاذلوا فعندها يصير الجهاد فرض عين على كل بلاد الإسلام وعلى كل مسلم في الأرض.