قتل الحشرات المنزلية

ما حكم قتل الحشرات المنزلية مثل الصراصير والجنادب والخنافس والعناكب ….إلخ، فأنا أخاف من الحشرات كثيراً مما يدفع الأهل لقتلهم، وأخشى أن يكون ذلك ضمن قتل النفس بغير وجه حق؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فلا حرج في قتل ما كان يؤذي من الدواب والحشرات إن في المنزل أو في غيره؛ يدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الفأرة والحدأة والحية والغراب الأبقع والكلب العقور ولو في الحرم، والجامع بينها هو الأذى؛ وعليه فما كان يسبب للناس أذى فلا حرج في قتله، شريطة ألا يكون ذلك بالنار لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التحريق بالنار فقال “لا تعذبوا بعذاب الله” وألا يكون بما يؤدي إلى تعذيب الحيوان أو الطائر أو الحشرة، لكن لا حرج في قتله بما يسرع في إزهاق روحه ولا يؤدي إلى تعذيبه، قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن): روى مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله r أن نملة قرصت نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله تعالى إليه {أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح} وفي طريق آخر {فهلا نملة واحدة}. قال علماؤنا: يقال إن هذا النبي هو موسى عليه السلام، وإنه قال: يا رب تعذب أهل قرية بمعاصيهم وفيهم الطائع. فكأنه أحب أن يريه ذلك من عنده، فسلط عليه الحر حتى التجأ إلى شجرة مستروحا إلى ظلها، وعندها قرية النمل، فغلبه النوم، فلما وجد لذة النوم لدغته النملة فأضجرته، فدلكهن بقدمه فأهلكهن، وأحرق تلك الشجرة التي عندها مساكنهم، فأراه الله العبرة في ذلك آية: لما لدغتك نملة فكيف أصبت الباقين بعقوبتها! يريد أن ينبهه أن العقوبة من الله تعالى تعم فتصير رحمة على المطيع وطهارة وبركة، وشرا ونقمة على العاصي. وعلى هذا فليس في الحديث ما يدل على كراهة ولا حظر في قتل النمل، فإن من آذاك حل لك دفعه عن نفسك، ولا أحد من خلقه أعظم حرمة من المؤمن، وقد أبيح لك دفعه عنك بقتل وضرب على المقدار، فكيف بالهوام والدواب التي قد سخرت لك وسلطت عليها، فإذا آذاك أبيح لك قتله. وروى عن إبراهيم: ما آذاك من النمل فاقتله. وقوله:” الا نملة واحدة” دليل على أن الذي يؤذى يؤذى ويقتل، وكلما كان القتل لنفع أو دفع ضرر فلا بأس به عند العلماء.ا.هــــــــــــ والعلم عند الله تعالى.