الصلاة في مسجد الجماعة بعد الراتبة
عندنا المساجد في نيويورك تقيم الصلوات في أوقات مختلفة بعضها يكون في أول الوقت وبعضها يكون في آخره. وأحياناً نأتي على أحد المساجد التي تصلي متأخرة ونصلي جماعة مع بعض الإخوة الحاضرين وننصرف لأعمالنا، وسمعنا أنه لا تجوز صلاتنا في جماعة طالما أن الجماعة الراتبة في المسجد لم تقم بعد. وعليه أصبحنا إذا لم ندرك الجماعة في أحد المساجد التي تصلي مبكراً صلينا في أي من المساجد التي تؤخر صلاتها ولكن فرادى. فما هو أصل الحكم الشرعي وما دليله؟ أفيدونا حفظكم الله.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالأصل أن صلاة الجماعة قد شرعت ليجتمع عليها المسلمون فيصلون بصلاة إمام واحد يقتدون به ويكونون من ورائه، وهذا المعنى لا يتحقق لو أن كل مجموعة من الناس صلت في الوقت الذي تريد قبل الجماعة الراتبة أو بعدها، ومن هنا نص أئمة المسلمين على كراهة هذا الفعل وبعضهم جزم بالحرمة؛ إذا كان ذلك يؤدي إلى فتنة من إيغار الصدور وإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين خاصة إذا كان المسجد من مساجد الأحياء وله إمام راتب إلا أن تقام تلك الجماعة الثانية بإذنه. قال النووي رحمه الله في المجموع: إن كان للمسجد إمام راتب، وليس هو مطروقاً كُره لغيره إقامة الجماعة فيه ابتداء قبل فوات مجيء إمامه, ولو صلى الإمام كُره أيضا إقامة جماعة أخرى فيه بغير إذنه، هذا هو الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور، وإن كان المسجد مطروقاً أو غير مطروق، وليس له إمام راتب لم تكره إقامة الجماعة الثانية فيه؛ وبه قال عثمان البتي والأوزاعي ومالك والليث والثوري وأبو حنيفة، وقال أحمد وإسحاق وداود وابن المنذر: لا يكره. والله تعالى أعلم.