أحكام الزواج والطلاق ومعاشرة الأزواج

هل التعدد فيه إهانة للمرأة؟

هل الزواج الثاني والثالث فيه إهانة للمرأة؟ وهل يعني أن المرأة ليس لها مكانة في قلب الرجل؟

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فمن قال إن في تعدد الزوجات إهانة للمرأة فقد افتأت على الشرع وقال فيه بغير علم وأتى بهتاناً عظيماً؛ لأن الله تعالى هو خالق الزوجين الذكر والأنثى، وهو الذي شرع التعدد لحكم عظيمة ومصالح جليلة لا يعرفها إلا من نوَّر الله بصيرته بنور علم الشريعة، أما من اتبع هواه وزعم الانتصار للمرأة وحقوقها فهو الذي تعمى بصيرته عن معرفة الحق بدليله، فيتبع كل ناعق ويحاكي كل جهول، ويكفيك أيها السائل أن النبي الأعظم r الذي أوصى بالمرأة خيراً وبيَّن حقوقها في أشرف المواقف وهو بصعيد عرفات في زمان ما كان أحد يعرف للمرأة حقوقاً ولا يرعى لها عهداً؛ كان هو أول المعدِّدين، وقد أقام معه نساؤه كلهن بخير حال وأهنأ عيش صلوات الله وسلامه عليه.

والحكمة التي من أجلها شُرع التعدد والعلم عند الله تعالى هو أن النساء في الغالب أكثر عدداً من الرجال؛ لأن الرجال أكثر تعرضاً للمخاطر في الحروب والحوادث وغير ذلك مما يحصل معه فناؤهم؛ فأمرت الشريعة بالتعدد في قوله تعالى )فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع( تحقيقاً لمصلحة إحصان النساء ووقاية للمجتمع من خطر الفواحش، ثم إن النساء كلهن على استعداد للزواج وليس كل الرجال كذلك، بل قد تحول بينهم وبين تلك الرغبة موانع من قلة المال أو وهن العزيمة فاقتضت المصلحة إباحة التعدد لمن قدر عليه من الرجال وآنس من نفسه العدل.

ثم إن ظروفاً خاصة قد تملي على الرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة كما لو كانت طاقته لا تكفيها امرأة واحدة ولا اثنتان ولا ثلاث، أو لو كانت الأولى مريضة مرضاً يحول دون المعاشرة الزوجية أو كانت الأولى عاقراً لا تلد، ولا يخفى عليك أن المرأة تعتريها أعذار شرعية تمنع من مباشرتها كالحيض والنفاس، فلئلا يبقى الرجل معطلاً شُرع التعدد؛ ثم إن في التعدد تكثيراً للنسل ووقاية لجماعة المسلمين من شيوع الفواحش والأمراض والأسقام الفتاكة… ودونك أيها السائل ما تعانيه تلك المجتمعات الكافرة ومن تشبه بهم ممن ينعون على الإسلام تشريع التعدد، وهم في الفواحش غارقون، حتى إن الرجل منهم ليعزف عن الزواج البتة لكثرة عشيقاته، وتراهم ـ عياذاً بالله ـ لا يشعرون بلذة ولا استقرار، بل ترى الرجال في غيهم يعمهون والنساء متخذات أخدان، ومساكين المسلمين يظنون أولئك الكفار في نعيم وهم ـ والله ـ في شقاء مقيم، نسأل أن يحيينا مسلمين ويتوفانا مسلمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى