طلاق الغضبان والسكران
هل يقع طلاق كل من الغضبان والسكران؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فطلاق الغضبان واقع عند جمهور أهل العلم؛ لأنه يعقل ما يقول ولو كان طلاقه غير واقع لما وقع طلاق أصلاً؛ لأنه لا يطلق أحد حتى يغضب، أما إذا وصل به الغضب إلى حد فقدانه عقله وعدم تمييزه لقوله فإنه لا يقع؛ وبه فسر بعض العلماء قول النبي صلى الله علـيه وسلم {لا طلاق ولا عتاق في إغلاق} رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
أما طلاق السكران فهو واقع عند جمهور العلماء ـ منهم مالك والشافعي في أحد قوليه وأبي حنيفة وصاحبيه وأحمد في رواية ـ واستدلوا على إيقاعه باتفاق الصحابة على إقامة حد القذف على السكران كما قال علي رضي الله عنه {إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فاجلدوه حد المفتري} ولأنه إيقاع للطلاق من مكلف غير مكره صادف ملكه فوجب أن يقع كطلاق الصاحي، ويدل على كونه مكلفاً أنه يقتل بالقتل ويقطع بالسرقة وبهذا فارق المجنون….وذهب آخرون إلى عدم وقوعه؛ لأنه زائل العقل فأشبه المجنون والنائم؛ ولأنه مفقود الإرادة فأشبه المكره ولأن العقل شرط التكليف؛ إذ هو عبارة عن الخطاب بأمر أو نهي، ولا يتوجه ذلك إلى من لا يفهمه، ولا فرق بين زوال الشرط بمعصية أو غيرها.
ومرد الأمر إلى ما يحكم به القاضي، أما الفتوى فهي على ما قاله الجمهور من وقوع طلاق السكران، لأنه أذهب عقله بفعل نفسه وإرادته؛ فيؤاخذ على ما يصدر منه، والعلم عند الله تعالى.