هل يدفن تارك الصلاة في مقابر المسلمين؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فتارك الصلاة على خطر عظيم؛ لأنه واقع في كبيرة من كبائر الذنوب التي توعد الله تعالى فاعلها بالعذاب الأليم؛ قال تعالى {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} وقال سبحانه {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} وقال النبي صلى الله عليه وسـلم “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر” وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه “أما إنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة” وما كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسـلم يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة. وقد أخبر ربنا جل جلاله أن من سمات أهل النفاق التهاون بالصلاة والتكاسل عن أدائها فقال سبحانه {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا}
وفي المسألة فرعان أحدهما متفق عليه والآخر مختلف فيه: أما الأول فقد أجمع المسلمون على أن من ترك الصلاة جاحداً وجوبها منكراً فرضيتها فإنه يكفر بذلك كفراً أكبر مخرجاً من الملة، وإن مات فإنه لا يُغَسَّل ولا يُكفَّن ولا يُصلَّى عليه ولا يُدفَن في مقابر المسلمين ولا يُستغفَر له ولا يُترحَّم عليه وتنقطع الولاية بينه وبين المؤمنين؛ عياذا بالله من ذلك كله.
وأما إن كان تاركاً لها كسلاً وتهاوناً فهو على خطر عظيم كذلك؛ إذ عرَّض نفسه لسخط الله ومقته، ويخشى عليه من سوء الخاتمة، لكنه عند جمهور العلماء – وهم الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية – مسلم ناقص الإيمان عاص لربه؛ وإذا مات فإنه تجرى عليه أحكام موتى المسلمين فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابرهم ويستغفر له ويترحم عليه؛ وأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له؛ لعموم قوله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} مع قوله صلى الله عليه وسـلم “خمس صلوات كتبهن الله عز و جل على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة” رواه مالك في الموطأ وأحمد في المسند، وقال الشيخ الأرناؤوط: حديث صحيح، والله تعالى أعلم.