زوج يتعالج بالسحر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فعلى من ابتلي بالسحر أن يعلم يقيناً أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الله تعالى جاعل لمن اتقاه فرجاً ومخرجاً؛ فعليه أن يستعين بالله ولا يعجز، وأن يكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار، ويبتغي فيما ابتلي به أجراً وثواباً؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسـلم “ما يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من ذنوبه وخطاياه” وأن يأخذ بالأسباب في طلب العلاج بالأسلوب الشرعي المباح؛ مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وسـلم الذي قال “ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله”
هذا، ولا يجوز للمسحور الذهاب إلى ساحر ليفك عنه السحر؛ لأن الدم لا يطهره البول، وإتيان الساحر في ذاته معصية لله تستوجب توبة؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسـلم “من أتى عرافاً، أو ساحراً، أو كاهنا فسأله، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد” رواه أبو يعلى والبزار ورجاله ثقات. والتماس العلاج مقيد بألا يكون بمحرم؛ لقوله صلى الله عليه وسـلم “تداووا ولا تداووا بحرام” رواه أبو داود في سننه، وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال “إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرَّم عليكم” ومن أعظم المحرمات السحر فلا يجوز التداوي به ولا حلُّ السحر به، لأن حَلَّ السحر بسحر مثله قد جعله النبي صلى الله عليه وسـلم من عمل الشيطان؛ ففي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود من حديث جابر t أن النبي صلى الله عليه وسـلم سئل عن النُّشرة فقال “إنها من عمل الشيطان” وقال أبو داود: سئل أحمد عنها فقال: ابن مسعود يكره هذا كله. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن “لا يحل السحر إلا ساحر” فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب؛ فيبطل عمله عن المسحور. والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة فهذا جائز.ا.هــــ
وعلى الزوجة أن تبين لزوجها ذلك وترشده وتحثه على طلب العلاج بالأسباب المشروعة، من استعمال الرقية الشرعية؛ وحبذا لو اقتدى بالنبي الأكرم صلى الله عليه وسـلم فرقى نفسه بنفسه؛ مع عدم الغفلة عن الدعاء؛ فإن الله يجيب دعوة من دعاه خاصة إذا كان مضطراً، وقد قال سبحانه {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}
وأما زواجها من ذلك الشخص – ابتداء وبقاء – فإنه صحيح، ولم يطرأ على العقد ما ينقضه؛ خاصة وأن في المسألة خلافاً يسيراً بين أهل العلم حيث قال بحل النشرة بعضهم ؛ فقد رخص بعض الحنابلة في حل السحر بالسحر للضرورة، كما قال الحجاوي في الإقناع :وإن كان ـ يعني حل السحر ـ بشيء من السحر، فقد توقف فيه أحمد، والمذهب جوازه ضرورة. اهـ. والعلم عند الله تعالى.