أحكام الصلاة

أين يضع الكرسي في الصلاة؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فالواجب على المسلم إذا صلى الفريضة أن يصليها من قيام؛ لقوله تعالى {وقوموا لله قانتين} فإن كان لا يستطيع القيام لمرض ونحوه جاز له أن يصلي جالساً أو على الهيئة التي تناسب حاله؛ لحديث عمران بن حصين الخزاعي رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير؛ فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال “صل قائماً؛ فإن لم تستطع فقاعداً؛ فإن لم تستطع فعلى جنب” رواه البخاري. وهذا الذي قرره فقهاؤنا رحمهم الله تعالى؛ قال ابن قدامة المقدسي: وإن أمكنه القيام إلا أنه يخشى زيادة مرضه به، أو تباطؤ برئه، أو يشق عليه مشقة شديدة فله أن يصلي قاعدا، ونحو هذا قال مالك وإسحاق.ا.هــــــــ

هذا والواجب على من أصابه مرض أن يأتي بما يستطيعه من القيام والركوع والسجود والجلوس؛ وذلك لعموم قوله تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم} مع ما قرره أهل العلم من أن الميسور لا يسقط بالمعسور؛ فمن كان عاجزاً عن الركوع والسجود مثلاً لكنه قادر على القيام وجب عليه أن يأتي بركن القيام ثم يجلس حال الركوع والسجود ويكتفي بالإيماء، على أن يكون إيماء السجود أخفض من إيماء الركوع؛ وليس مطلوباً منه أن يسجد على وسادة ونحوها؛ لما ثبت عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد مريضاً فرآه يصلي على وسادة؛ فأخذها فرمى بها؛ فأخذ عوداً ليصلي عليه فأخذه فرمى به، وقال صلى الله عليه وسلم “صل على الأرض إن استطعت، وإلا فأومِ، واجعل سجودك أخفض من ركوعك” قال الزيلعي: رواه البزار والبيهقي ورواته ثقات.

ومن صلى على كرسي في المسجد مع الجماعة وجب عليه أن يأتي بما يستطيع من أركان الصلاة كما مضى بيانه، فإذا كانت صلاته كلها من جلوس فإنه يجعل أرجل الكرسي الخلفية بمحاذاة أرجل المصلين، ويستوي بجذعه مع الناس لا بقدميه؛ أما إذا كان بعض صلاته من قيام وبعضها من جلوس على الكرسي فعليه أن يستوي بقدميه مع الناس حال قيامه؛ ثم يتقدم بكرسيه ليحاذي الناس بعجيزته حال جلوسه؛ وذلك عملاً بقوله تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم} وقول النبي صلى الله عليه وسلم “ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم”.

هذا وعلى من صلى على كرسي أن يجتهد في عدم الإضرار بالناس؛ وحبذا لو جعل كرسيه في أطراف الصف لئلا يشق على الناس؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار” قال النووي رحمه الله تعالى: حديث حسن رواه ابن ماجة والدارقطني وغيرهما مسنداً، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط أبا سعيد وله طرق يقوي بعضها بعضا.ا.هـــــ كما أن على سائر المصلين أن يرفقوا بمن كان مريضاً ولا يشقوا عليه؛ تعاوناً معه على البر والتقوى، والله الموفق والمستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى