الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وهو الحكيم الخبير، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وعظيمنا وقدوتنا وأسوتنا محمداً رسول الله، البشير النذير والسراج المنير، أرسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين عزَّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون. أما بعد.
1/ فما بيننا وبين رمضان سوى وقت يسير ، أسأل الله تعالى أن يبلِّغنا إياه وأن يعيننا على صيامه وقيامه؛ فأحسنوا – معشرَ المسلمين – الاستعداد له، واستقبلوه بخير ما يحضركم من نية خالصة وعمل صالح، وعزم على اغتنام الأوقات فيما يقربكم إلى رب الأرض والسموات؛ فإن لربكم في بقية أيام دهركم نفحات فتعرَّضوا لها؛ لعل دعوة توافق رحمة يسعد صاحبها سعادة لا يشقى بعدها أبدا، واعلموا رحمكم الله أن أيام رمضان لا كسائر الأيام {أياماً معدودات} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعطيت أمتي في رمضان خمس خصال لم تعطهن أمة من الأمم قبلها: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله عز وجل في كل يوم جنته ويقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتصفد مردة الشياطين، ويغفر لهم في آخر ليلة من رمضان) قيل: يا رسول الله، أهي ليلة القدر؟ قال (لا، وإنما يعطى الأجير أجره إذا وفى عمله)
2/ أيها المسلمون عباد الله…….
في هذه الأيام جلَّ الخطبُ وعظُم الخطر؛ حيث سقطت الأقنعة وأسفرت الوجوه عما تكنُّه الصدور، ولا بد لنا من كلمة شرعية على منبر الجمعة، كلمة يقولها قائلها يرجو بها إحقاق الحق وإبطال الباطل، مع يقيننا الكامل في أن الحق ثابتٌ مستقر وأن الباطل ذاهب مضمحل، وأن للباطل جولة وللحق جولات، وقد قال أحكم الحاكمين وأصدق القائلين {الحق من ربك فلا تكن من الممترين} وقال {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق}
أقول أيها المسلمون: إن الناس في بلادنا – رجالاً ونساء شيباً وشباباً – قد خرجوا محتجين فيما مضى من الأيام، محتجين على اقتصاد بائس ووضع يائس وسياسة عرجاء وعيش بئيس وتسلط مقيت بعدما سُدَّت في وجوههم الأبواب وانقطع منهم حبل الصبر، حين عانوا في تدبير ضرورات حياتهم التي لا مناص منها، خرج الناس من أجل عيش كريم في وطن حر، وطن يجدُ فيه كل إنسان حقَّه غير متعتع، وطن يسع الأحمر والأسود، المسلم وغير المسلم، خرج من أجل الشعار الذي رفع: حرية وسلام وعدالة. وتلك أيها المسلمون هي غايات الإسلام الكبرى ومقاصد الشريعة العظمى.
3/ أقول لكم أيها المسلمون:
هذه الكلمات الثلاثة هي من أسس ديننا وقواعد ملتنا وجوهر شريعتنا معشر أهل الإسلام؛ حرية هي عنوان الكرامة التي كفلها الله عزَّ وجل لبني آدم {ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} حرية لا تعني التفلت من الدين والأخلاق، بل هي حرية تكفل الكرامة والعزة التي ضمنها الله لكل آدمي؛ حيث جعل الإسلام الحرية أساس المعتقد فلا إكراه ولا إجبار {لا إكراه في الدين} حرية التفكير وحرية التصرفات وحرية التكسب وحرية التعليم وحرية المأوى، حرية سياسية تكفل للناس الحقَّ في اختيار من يحكمهم وحرية نقد من يحكمهم وحرية محاسبة من يحكمهم، وقد مضى معنا الكلام مراراً أنه لا أحد من الراشدين الكرام قد تسوَّر على الحكم بليلٍ أو جعله وراثةً في ولده، بل الأمر شورى؛ كما قال ربنا جل جلاله {وأمرهم شورى بينهم}
وسلام لكل الناس بل لكل المخلوقات؛ فربنا هو السلام، {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام} وديننا دين السلام (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) والجنة هي دار السلام {والله يدعو إلى دار السلام} ومحمد صلى الله عليه وسلم هو رسول السلام، سلام يجعل كل إنسان آمناً على نفسه من الاعتداء عليه في دم أو عرض أو مال، آمناً على نفسه من أن يتعرض لإهانة أو إذلال
وعدالة يستوي فيها الشريف والوضيع، عدالة تمنع الظلم والحيف، عدالة تجعل صاحب الكفاءة والخلق أهلاً للتصدر والتقدم، ليس فيها شفاعة ولا توريث، عدالة تجعل من الحاكم خادماً للناس لا سيدا عليهم، بل يكون لصغير الناس أباً، ولكبيرهم ابناً، وللمثيل منهم أخاً. هذه هي الشعارات التي رفعت، وهذه هي معانيها التي نعلم
4/ لكن من تصدروا المشهد أرادوا غير ذلك، أرادوا أن يجعلوا من ثورة الشباب مطية أولاً لنيل الحكم والتسلط على الناس سنوات أربعة!! سبحان الله!! كيف؟ ولماذا؟ ومن خوَّلهم ذلك؟ الله أعلم. هكذا يريدون أن يفرضوا أنفسهم على الناس مدنيين وعسكريين!! أين الحرية التي تزعمون؟ وأين العدالة التي تنشدون؟ ولم تستعجلون الخطوات؟ ومن أي شيء تخافون؟ إن كنتم على ثقة من أن قلوب الناس معكم فاسلكوا سبل الرشاد التي تواضع عليها العقلاء في المشارق والمغارب:
أولاً: ابسطوا برامجكم وبيِّنوا أهدافكم
ثانياً: اعرضوا أشخاصكم وخاطبوا جماهيركم
ثالثاً: عليكم أن ترتضوا النتائج التي يحكم بها الشعب
إن شعبنا يطمع في عيش كريم، وحكم راشد، وتنافس شريف، وأخلاق نبيلة يكون السياسيون فيها هم الأسوة والقدوة، إن شعبنا يريد من يستنقذه من اقتصاد بائس ووضع سياسي متأزم وحروب مدمرة وثارات ومرارات، هذه هي آمال الشعب وتطلعاته؛ أما من احترفوا الأكاذيب واعتقدوا الأباطيل وباعوا للناس الوهم فهيهات هيهات أن يكونوا لهذا الشعب ممثلين أو له حاكمين
5/ إنني أوجه أسئلة إلى شبابنا الطيبين وفتياتنا الخيرات ممن اعتصموا حول القيادة العامة، وإني لأدرك أن جلَّكم وعظمكم من الأخيار الأبرار من الركع السجود الذين يقيمون الصلاة، ويعظمون حرمات الله، ويقفون عند حدود الله، كيف لا وقد رأيناكم تصطفون للصلاة حين تسمعون منادي الله، كيف لا وقد رأيناكم تُهرعون إلى صلاة الجمعة خلف أهل العلم والفضل ممن يسمعون كلام الله ويسمعونكم وينقادون لكتاب الله ويقودونكم؟ وما أخرجكم إلا الرغبة في العيش الكريم والمستقبل الأرغد، وقد رددت عنكم سابقاً حين قال قائلهم: إن الشباب قد خرجوا لأنهم قد مُنعوا من الشيشة والتنزه في شارع النيل!! فقلت: لا بل خرجوا غضباً لدينهم الذي رأوه مغيباً أو لدنياهم التي ظلموا فيها، وهم في كلا الحالين معذورون، إنني أطرح عليكم أسئلة أجيلوها في أذهانكم واطلبوا جوابها وفق ما يمليه عليكم دينكم وووطنيتكم:
هل خرجتم تطالبون بتنحية الدين عن الحياة؟ هل خرجتم تطالبون بتحرير الدولة من الدين؟ هل خرجتم من أجل إقرار قوانين تصادم هوية الأمة ودينها؟ هل خرجتم من أجل تنفيذ أجندة قوم حادوا الله ورسوله؟ والجواب على هذه الأسئلة واضح معروف لكل مسلم، فاسمعوا إذن لأي مسار يقودكم
6/ قدم تجمع المهنيين وثيقته (هياكل الحكم وصناعة الدستور للفترة الانتقالية في السودان) والتي نناقشها في نقاط:
- في الصفحة الأولي لوثيقته أعلن تجمع المهنيين عن تصوره لكيفية صناعة الدستور المستقبلي لجمهورية السودان والذي أوضح فيه ان الطريقة القديمة المتعارف عليها لكتابة الدستور وإقراره عبر اللجنة التأسيسية للدستور المشكلة من برلمان منتخب بأنها طريقة نخبوية ولا تصلح لمستقبل السودان. وهذا والله هو العجب بنفسه. من الواضح ان تجمع المهنيين ومن خلفه من أحزاب يخافون من انتخابات لا تمنحهم الأغلبية التي تسمح لهم بتشكيل الدستور حسب أجندتهم وتوجهات أحزابهم فذهبوا إلى خيار ان يتم فرض الدستور على كل مكونات وأطياف الشعب السوداني.
- في المادة 1 تحدثت وثيقة التجمع التي (يفترض) ان تمثل الشعب السوداني بكل تياراته أنهم هم الوحيدون الذين لهم حق تشكيل المجلس السيادي حيث عماد المجلس من مقترحاتهم (صفحة 2). ما هذا النفس الذي كله اقصاء مضافا إليه غرور!
- في المادة 2 في صفحته الثانية حددت الوثيقة ان تكون الفترة الانتقالية مدتها أربع سنوات. هل يعقل ان يتكون فترة انتقالية مدتها أربع سنوات؟ وتحكم بدستور انقالي وضعه تيار بحيث يناسب أجندته؟ من يقبل هذا؟ الفترة الانتقالية عادة تكون أقصر ما يمكن وقد تم انتقال سلس في السودان في ثورتي أكتوبر وابريل وفي عدد من الدول التي مرت بنفس الظروف ولم يكن هناك فترة انتقالية مثل هذه.
- في المادة السادسة سمح التجمع للحكومة الانتقالية بمراجعة وتعديل القوانين القمعية (حسب أجندته وتصوره) كما سمح لحكومة انتقالية أن تنظم الوثيقة الدستورية والقوانين واللوائح. ماذا أبقى التجمع للحكومات المنتخبة؟ هل حكومة انتقالية تمنح هذا التفويض من دون سند شعبي حقيقي عبر انتخابات نزيهة تحدد مزاج وهوى الشعب السوداني؟ هل هذه هي الحرية والعدالة التي يتمشدق بها التجمع وتحالف التغيير والحرية؟
- في المادة 8 من وثيقتهم سمحوا للمجلس السيادي المشكل بواسطتهم (تحالف التغيير والحرية) بأن يعينوا رئاسة القضاء هم كما يكونوا مجلس قضاء مستقل (حسب معاييرهم هم). يريد التحالف عبر واجهتهم التجمع ان يدخلوا في الجهاز القضائي بكل وضوح من يتماشون معهم في نفس توجهاتهم ورؤيتهم لتخلو لهم الساحة لتصفية أي تيار لا يخدم توجهاتهم عبر القضاء كما تفعل بعض الدول المجاورة من التي قامت فيها ثورات. وأخطر من ذلك يريد التجمع ان يبقى هذا النظام القضائي سنة بعد انتخاب حكومة منتخبة ليقمع أي توجه نحو تغيير هذا الواقع وعبر القانون كما حدث من قبل في دولة مجاورة قامت بها ثورة (أتواصوا به).
- في المادة 11 الفقرة 7 يطلب التجمع المساواة الكاملة للمرأة في التشريع ومحاربة اشكال التمييز وهذا ان فسرناه على ظاهره في معارضة للشريعة الإسلامية (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى). ولنحسن الظن بهذه المادة فنريد تفسير التجمع وعلى سبيل المثال لا الحصر في هذه المواضيع: فالشريعة مثلا وضعت للمرأة احكاما في المواريث لا تتساوى فيها مع الرجل. موضوع قوامة الرجل على اهل بيته. موضوع الحجاب في الشارع العام. موضوع الشهادة في المحاكم حيث شهادة الرجل تساوي شهادة امرأتين. اتفاقية سيداو. تعدد الزوجات. عدة المرأة.
- ولنأتي لنقطة حساسة في البند 11 الفقرة 10 وهي صناعة الدستور حيث سيشكل المجلس السيادي لجان صناعة الدستور الدائم خلال الفترة الانتقالية دون وجود أي جهة منتخبة لا برلمان ولا حكومة.
- يريد تجمع المهنيين الاحتكام إلى الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان ونقول له بما لا يخالف الشريعة الإسلامية حسب المادة 20.
- من المادة 34 ابتدأ فصل الدين عن الدولة وظهرت العلمانية تمشي على قدمين بالإيحاء أن السودان بلد متعدد فيه الديانات وهذا صحيح من جانب التعدد ولكن الإسلام هو الغالب وأغلب الشعب السوداني مسلم ولا يجب الوقوف على مسافة واحدة في هذا.
- أخطر مادة بإطلاق هي المادة 35 التي تدعو صراحة إلى تعدد مصادر التشريع دون حتى أن يذكروا الإسلام ولو كمصدر. وهنا يسفر تجمع المهنيين وتحالف الحرية والتغيير عن وجههم الحقيقي الداعي للعلمنة وفصل الدين عن الدولة.
- مرة أخرى يعود تجمع المهنيين في دس السم في العسل بالحديث عن الحريات الدينية وحرية الفكر والاعتقاد دون اشتراط حسب الشريعة الإسلامية بما تكلمنا عنه في النقطة السابقة وذلك في المادة 37.
- في المادة 50 انتقدت وثيقة التجمع دستور 1998 فقط نقطة التسلط الإسلامي من حيث مصادر التشريع. ويتضح لكم أن قادة التجمع ومن خلفهم يعتقدون أن وجود الإسلام كمصدر للتشريع من قبيل التسلط واقصاء للقوميات وحقوق الأقليات.
- في المادة 51 انتقدت الوثيقة دستور 2005 والغرابة في الموضوع أنهم ركزوا بان دستور 2005 لا يعبر كل مكونات المجتمع السوداني وكأن وثيقتهم هذه تعبر عن مكونات المجتمع السوداني. هذه الوثيقة تعبر عن التيار العلماني اليساري الموجود في تحالف الحرية والتغيير وواجهتهم تجمع المهنيين.
- في المادة 76 يريدون عودة الجنسيات لمواطني جنوب السودان المقيمين في السودان قبيل الانفصال في تغول واضح على رأي ووعي الشعب السوداني رغم ان مواطني جنوب السودان قد صوتوا بنسبة تفوق ال 95% لصالح الانفصال في الاستفتاء الشعبي واختاروا بإرادتهم الذهاب كمواطنين لجنوب السودان. لا حق للتجمع في عودة الجنوبيون إلى عبر استفتاء شعبي لمواطني السودان حاليا وعبر هياكل منتخبة وليست معينة كما يشتهي التجمع.
- في المادة 77 أسفرت علمانية كاتبي هذه الوثيقة عن نفسها فهو يروا قوانين الشريعة الإسلامية الخاص بتطبيق الحدود الشرعية والاحتكام إلى الشرع المطهر في القانون الجنائي عبارة عن مذلة للشعب السوداني وقوانين جائرة ظالمة تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. وهم يدعون إلى الغائها فورا وقت تسلمهم للحكم (زعموا).
- في المادتين 86 و 87 لم يستطع العلمانيون الذين يريدون فصل الدين عن الدولة أن يصبروا لوقف القوانين التي تأخذ مرجعيتها من الشريعة الإسلامية حتى وقت انتخابات بحيث تحدد الغالبية ذلك لكنهم يريدون فرض رأيهم الان بإلغاء هذه القوانين والعودة لما قبل قوانين سبتمبر 1983 (قوانين الشريعة الإسلامية) بحجة أنها تذل الشعب السوداني وحقيقة هي تذل الشعب العلماني.
- في المادة 89 نصت الوثيقة على قيام مفوضية حقوق الانسان وفقا للدستور الانتقالي ومبادئ باريس. ونحن نسأل التجمع هل صعب عليهم بدلا عن باريس كتابة (الشريعة الإسلامية) أيهما أفضل وأعدل وأشمل يا تحالف الحرية والتغيير وتجمع المهنيين؟
7/ ألا إنه ليس من حق أحد خلال هذه الفترة الانتقالية أن يفرض إرادته على الناس، بل الموعد صندوق الانتخابات، فجمهور الناس هم الذين يقررون من خلال من ينتخبونهم ويرتضونهم حكاماً، وليس فئة قليلة من الناس قد علموا يقيناً أنه لا حظ لهم ولن يختارهم أحد، فشاهت وجوههم وأرادوا فرض إرادتهم في ليل بهيم.
هذا وليعلم الجميع أن شريعة الله ليست كلأ مباحاً ولا ملكاً لشخص ما يتنازل عنها متى ما أراد، وعليهم أن يستعيدوا التاريخ قديمه وحديثه ليروا كيف كان عاقبة الذين ظلموا ممن بدَّلوا وغيروا؛ ومن رقَّعوا دنياهم بتمزيق دينهم؛ فلا دينهم يبقي ولا ما يرقعوا، بل ذهبوا مشيَّعين بالغضب من رب العالمين واللعنات من المؤمنين.. ألا يا كل مخلص اعلم أن لك أسوة في الصديق أبي بكر رضي الله عنه الذي حفظ الدين بعد وفاة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم وردد بلسان اليقين (أيُنقص الدين وأنا حي؟)
الخطبة الثانية
قد شنت في الأيام الماضية حملة قوامها مقالات كاذبة خاطئة وألفاظ نابية يعف عنها كل ذي خلق، وأكاذيب يروجونها عبر الوسائط، وأراجيف وأباطيل يشيعونها، وما جعلت من نفسي يوماً من الأيام موضوعاً ولا عنيت بالدفاع عن شخصي، لكنني أعلم أن الاستهداف ليس لأشخاص بقدر ما هو استهداف لعقول الشباب وقلوبهم، يريدون لهم أن يبقوا بلا مرجعيات تحفظ عليهم دينهم، وذلك بتشويه كل من يقف في وجوه من يريدون اختطاف عقول الشباب وتذويب هويتهم وتضييع دينهم ودنياهم، وقد تجردوا في ذلك من كل فضيلة تعارف عليها الناس.
إن أهل الجاهلية فيما مضى ما كان لهم دين يردعهم لكن أخلاقهم كانت تحول بينهم وبين الكذب، أما هؤلاء فلا دين ولا خلق.
زعموا أنني قد أفتيت بقتل ثلث الشعب ليبقى ثلثاه!! وأن هذا هو مذهب مالك بن أنس وقد اتصل بي كثير من الحادبين المحبين من داخل البلاد وخارجها يطلبون مني الكف عن القوم لأنهم لا خلاق لهم؛ لكنني أقول لفلول اليسار وللعلمانيين الكارهين للدين، وللجمهوريين أتباع النبي المزعوم، أقول لهم كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: لما قيل له: إن بني مروان قد جمعوا لقتلك!! قال: أي يوم أخشاه قبل يوم القيامة فلا وقيتُ شره!! الله أكبر . أقول لكم: أنتم غثاء كغثاء السيل، كلامكم هراء، وأحلاكم جفاء
إنني لا أبالي بما يقوله الشانئون والمبغضون وأهل الأهواء؛ فلا حيلة لي مع الكذاب، سيقولون: خرجنا لندعم نظاماً قد أفل نجمه، سيقولون: نحن الفلول، سيسعون في تشويه سمعتنا وتدنيس سيرتنا، لكن بيننا وبينهم القانون الإلهي {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}
ويا أيها الشباب كونوا كالطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، لا تضعوا في آذانكم قطنا بل اسمعوا وعوا ما يقال لكم: من الذي كتب رسالة علمية نال بها درجة الدكتوراه عن (الاستبداد السياسي)؟ ومن الذي أفتى بحرمة قتل المتظاهرين؟ ومن الذي أفتى بحرمة الاعتداء على الآمنين واقتحام بيوت الناس؟ من الذي أفتى بحرمة الاعتداء على المال العام؟ من الذي طالب بتأقيت مدة الحاكم وأن يكون ذلك ملزما؟ ومن الذي قال بين يدي الحاكم إن الدين أبقى من الأشخاص؟ ومن الذي أفتى بأن الجمارك بوضعها الحالي أكل لأموال الناس بالباطل.