1ـ الآيات في فضل الذكر {ولذكر الله أكبر} {فاذكروني أذكركم} {واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة} {واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون} {والذاكرين الله كثيراً والذاكرات} {اذكروا الله ذكراً كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلاً}
2ـ الأحاديث الثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم في فضل الذكر:
- كلمتان خفيفتان على اللسان. متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
- لأن أقول: سبحان الله والحمد لله. رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
- من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له… متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
- من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له عشر مرات فكأنما أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل…متفق عليه
- ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ سبحان الله وبحمده…رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه
- الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان. رواه مسلم من حديث أبي مالك رضي الله عنه
- ذهب أهل الدثور بالأجور والدرجات العلا والنعيم المقيم…متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه
- أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
- مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت. رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه
- أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني… متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
- سبق المفردون! قيل: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرين الله كثيراً…رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
- يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأخبرني بشيء أتشبث به؟ رواه الترمذي
- لقيت إبراهيم ليلة أسري بي…رواه الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
- ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم؟ رواه الترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه
- ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله. متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه
- لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة…رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
- إن لله عز وجل ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله عز وجل تنادوا: هلموا إلى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم وهو أعلم ـ ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك ويحمدونك ويمجدونك…متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
3ـ كيف يكون ذكر الله؟
- بالقلب ومعناه التفكر في أسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله التي بهرت العقول وأحكامه
- باللسان بالتهليل والتكبير والتسبيح والتحميد والثناء وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودرس العلوم الشرعية
- بالجوارح بفعل ما يحبه الله ورسوله مما يراد به وجه الله تعالى
4ـ فوائد ذكر الله تعالى: قال ابن القيم رحمه الله تعالى: في ذكر الله تعالى أكثر من مائة فائدة: يرضي الرحمن، ويطرد الشيطان، ويزيل الهم، ويجلب السرور، ويقوي القلب والبدن، وينور القلب والوجه، ويجلب الرزق، ويكسب المهابة والحلاوة، ويورث محبة الله تعالى التي هي روح الإسلام، ويورث المعرفة والإنابة والقرب، وحياة القلب، وذكر الله للعبد، وهو قوت القلب وروحه، ويجلو صدأه، ويحط الخطايا، ويرفع الدرجات، ويحدث الأنس، ويزيل الوحشة، ويذكر بصاحبه، وينجي من عذاب الله، ويوجب تنزل السكينة، وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة بالذاكر، ويشغل عن الكلام الضار، ويسعد الذاكر، ويسعد به جليسه، ويؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة، وهو مع البكاء سبب إظلال الله للذاكر، وبه تحصل العطايا والثواب المتنوع من الله تعالى، وهو أيسر العبادات وأفضلها، وهو غراس الجنة، ويؤمن العبد من نسيان ربه سبحانه، ويعم الأوقات والأحوال، وليس شيء من الطاعات مثله، وهو نور للعبد في دنياه وقبره ويوم حشره، وبه تخرج أعمال العبد وأقواله ولها نور، وهو رأس الولاية وطريقها، ويزيل خلة القلب، ويفرق غمومه وهمومه، وينبه القلب من نومه، ويثمر المعارف والأحوال الجليلة، والذاكر قريب من مذكوره، والله معه، وأكرم الخلق على الله من لا يزال لسانه رطباً من ذكر الله، وهو يزيل قسوة القلب، وما استجلبت نعم الله ولا استدفعت نقمه بمثل ذكره، ويوجب صلاة الله وملائكته على الذاكر، ومجالس الذكر مجالس الملائكة ورياض الجنة، وجميع الأعمال إنما شرعت لإقامة ذكر الله تعالى، وأفضل أهل كل عم لأكثرهم فيه لله ذكراً، وإدامة الذكر تنوب مناب كثير من الطاعات البدنية والمالية والمركبة منهما، وهو يعين على طاعة الله، ويسهل كل صعب، وييسر الأمور، ويعطي الذاكر قوة في قلبه وبدنه، والذاكرون أسبق العمال في مضمار الآخرة، وهو سد بين العبد وبين نار جهنم، وتستغفر الملائكة للذاكر، وتتباهى الجبال وبقاع الأرض بمن يذكر الله عليها، وتشهد له، والذكر أمان من النفاق، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق ذكراً لله عز وجل بل كان كلامه كله في ذكر الله وما والاه، وكان أمره ونهيه وتشريعه للأمة، ذكراً منه لله تعالى، وإخباره عن أسماء الرب وصفاته وأحكامه ووعده ووعيده ذكراً منه لله تعالى[1].
5ـ آداب ذكر الله تعالى كما نص عليها الثقات المشاهير من أهل العلم رحمهم الله تعالى:
- قال أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي المحدث شيخ الإمام القرطبي: وأما ما ابتدعته الصوفية في ذلك، فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينتسب إلى الخير، حتى لقد ظهر منهم فعلات المجانين والصبيان، حتى رقصوا بحركات متطابقة، وتقطيعات متلاحقة، وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من القرب وصالح الأعمال، وأن ذلك يثمر سني الأحوال، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة، ومن قول أهل المخرقة. قال الحافظ ابن حجر عقبه: وينبغي أن يعكس مرادهم، ويقرأ: سيء الأحوال عوضاً عن سني الأحوال!![2]
- قال الإمام القاضي عياض رحمه الله في ترجمة الإمام مالك: قال التنيسي: كنا عند مالك وأصحابه حوله، فقال رجل من أهل نصيبين: عندنا قوم يقال لهم الصوفية، يأكلون كثيراً، ثم يأخذون في القصائد، ثم يقومون فيرقصون!! فقال مالك: أصبيان هم؟ قال: لا. قال: أمجانين هم؟ قال: لا، هم قوم مشايخ، وغير ذلك، عقلاء، فقال مالك: ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا!! فقال الرجل: بل يأكلون، ثم يقومون ويرقصون دوائب، ويلطم بعضهم رأسه، وبعضهم وجهه، فضحك مالك ثم قام فدخل منزله، فقال أصحاب مالك للرجل: لقد كنت يا هذا شؤماً على صاحبنا، لقد جالسناه نيفاً وثلاثين سنة، ما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم!![3]
- قال الإمام القرطبي في تفسيره لقوله تعالى من سورة الأنفال {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} وصف الله المؤمنين في هذه الآية بالخوف والوجل عند ذكره، وذلك لقوة إيمانهم، ومراعاتهم لربهم، وكأنهم بين يديه، ونظير هذه الآية {وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} وقال {وتطمئن قلوبهم بذكر الله} فهذا يرجع إلى كمال المعرفة وثقة القلب، والوجل الفزع من عذاب الله فلا تناقض، وقد جمع الله بين المعنيين في قوله “الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون رهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله” فهذه حالة العارفين بالله الخائفين من سطوته وعقوبته، لا كما يفعله جهال العوام، والمبتدعة الطغام، من الزعيق والزئير، ومن النهاق الذي يشبه نهاق الحمير، فيقال لمن تعاطى ذلك وزعم أن ذلك وجد وخشوع: لم تبلغ أن تساوي حال الرسول صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه في المعرفة بالله، والخوف منه، والتعظيم لجلاله، ومع ذلك كانت حالهم عند المواعظ: الفهم عن الله، والبكاء خوفاً من الله، ولذلك وصف الله حال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه فقال “وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع” فهذا وصف حالهم وحكاية مقالهم، ومن لم يكن كذلك فليس على هديهم.[4]
[1] الوابل الصيب 57 ـ 133 بتصرف
[2] فتح الباري 2/368
[3] ترتيب المدارك 2/54
[4] الجامع لأحكام القرآن 7/365