الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم} وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك، إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أما بعد.
1/ فهذا يوم من أيام الله عز وجل، هذا يوم التروية حيث يقف الحجاج في صعيد منى ملبين مكبرين مهللين، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، يوم مبارك تتنزل فيه الرحمات، وتتواتر فيه البركات، وتغشى عباد الله النفحات، أما يوم غد فهو يوم عرفة، خير يوم طلعت عليه الشمس، وهو أفضل أيام السنة بإطلاق، ما رؤي الشيطان في يوم أغيظ ولا أحقر ولا أدحر من يوم عرفة، في ذلك اليوم العظيم يتقرب الحجاج إلى ربهم بالاقتدء بنبيهم صلى الله عليه وسلم فيقفون حيث وقف، يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (فَأَجَازَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ، فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ)
أيها المسلمون: من لم يكن حاجاً فإنه يتقرب إلى الله تعالى يوم غد إن شاء الله بالصيام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحتسب على الله في صيام يوم عرفة أن يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده) ألا فتقربوا إلى الله – أيها المسلمون – بصيام هذا اليوم المبارك، لا تفرطوا في تلك الغنيمة الباردة التي هي {من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون} ولا يلتبس عليكم أن غداً سبت؛ فلا حرج في صيام يوم عرفة إذا صادف يوم السبت؛ لأن المقصود يوم عرفة سواء صادف جمعة أو سبتاً أو غيرهما من الأيام، والحديث الذي رواه الترمذي وأبو داود عن الصماء بنت بسر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاءَ عنب، أو عود شجرة فليمضغها» مختلف في صحته؛ حيث أعله بعضهم بالاضطراب، ومهما يكن من أمر فليس المقصود من صومه خصوص السبت بل المقصود يوم عرفة، ثم إن الأمر بصوم عرفة يخص النهي عن صيام يوم السبت على فرض صحته
2/ أيها المسلمون: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خطب الناس يوم عرفة ببطن نمرة فكان مما قال: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ «اللهُمَّ، اشْهَدْ، اللهُمَّ، اشْهَدْ»
3/ إن نبينا عليه الصلاة والسلام قد قرر في هذه الكلمات الموجزة حقوق الإنسان التي تشمل كل آدمي، دون تفريق بين لون ولون، ولا بين جنس وجنس، فالناس كلهم لآدم وآدم من تراب، وإن أكرمهم عند الله أتقاهم، وغير خاف أيها المسلمون أن موضوع حقوق الإنسان قد غدا سبيلاً مضموناً يستعمله الغرب المنتصر لإخضاع الدول سياسياً واقتصادياً؛ حتى إن الدول التي تدان بانتهاكات لحقوق الإنسان ـ وفق المعايير الغربية ـ تتعرض لأنواع من الحصار ـ اقتصادية وعسكرية وسياسية، تستمد شرعيتها ـ عالمياً ـ من قرارات تصدر عن المؤسسات والهيئات الدولية، التي لم يكن للمسلمين دور في تكوينها، بل كانت أغلب بلاد المسلمين ـ عند تكوين تلك الهيئات ـ خاضعة للاستعمار الغربي على اختلاف أنواعه، ولا بأس في سبيل تحقيق هذه الهيمنة الغربية والاستعلاء الأبيض أن يستعينوا ببعض النخب الوطنية التي ليست هي فوق مستوى الشبهات، والتي تنادي ليلاً ونهاراً بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ويحاولون أن يصوروا للناس أن حقوق الإنسان ـ على النهج الغربي ـ هي السبيل الأوحد للتخلص من التخلف والتبعية!! وقد علم الناس أن هؤلاء كانوا إلى عهد قريب من سدنة الفكر الشيوعي الذي لا يعترف بالآخر، ولا يعرف سبيلاً للتعامل معه إلا الإقصاء والبتر، وأحياناً السحل والقتل.
4/ أيها المسلمون: إن الذي يميز حقوق الإنسان في ديننا جملة أمور:
أولها: أن مصدر هذه الحقوق مبنيٌّ على أن السيادة والحاكمية لله عز وجل؛ قال سبحانه {إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الفَاصِلِينَ} وقال عز وجل {أَلاَ لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ} فينظر المشروع الإسلامي للحقوق بحسب النظرة الإلهية لهذا المخلوق، ومدى ما يصلحه، كما قال تعالى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}
ثانيها: الثبوت؛ فلا تتغير بتغيُّر الزمان وتبدل الظروف والأحوال. وتتّضح هذه الميزة في تعريف العلماء للحق حين عرّفوه بقولهم: «هو الحقّ الثابت الذي لا يجوز إنكاره»
ثالثها: مراعاة انطلاق الحقوق من مقام الإحسان؛ فالحقوق في الإسلام تنبع من المقام الذي يكون فيه العبد تحت مخافة الله عز وجل، وهو مقام الإحسان الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وفي حديث أبي مسعود البدري قال: كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً من خلفي (اعلم أبا مسعود) فلم أفهم الصوت من الغضب؛ فلما دنا مني إذا هو رسول الله يقول (اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود) فألقيت السوط من يدي؛ فقال (اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام) فقلت: يا رسول الله، لا أضرب مملوكاً بعده، وقلت: هو حر لوجه الله تعالى. فقال عليه الصلاة والسلام (أما لو لم تفعل للفحتك النار) رواه مسلم
رابعها: الانسجام والتكامل بين حقوق الإنسان وطبيعة هذا الدين، فالإسلام لم يترك الحقوق مجردة، بل جعلها في جوّ وإطار الأحكام الشرعية، وفي منظور المقاصد الشرعية، وقرنها بآدابها وأخلاقها، وجعل الإخلال بتلك الآداب إخلالاً بهذه الحقوق، وربطها في النهاية بالدين، واعتبر مصدرها إلهياً، فكان بناء الحقوق في الإسلام بناءً متكاملاً ينسجم مع الطبيعة الربانية لهذا الدين
خامسها: تنبثق حقوق الإنسان في الإسلام من أنّ سيادة المجتمع الإنساني فرع عن سيادة أفراده، وليس العكس، كالحال في النظم الوضعية، قال تعالى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}
سادسها: هذه الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان لم تتحقق بعد صراعات فكرية أو ثورات ومطالبات كما هو الشأن في تاريخ حقوق الإنسان في النظم الديمقراطية وأسباب نشأتها، كالحال في فرنسا وبريطانيا … وإنما استقرّت مبادئها وأحكامها وحياً من عند الله عز وجل دون سابق حديث عنها أو تطلّع إليها، أو كفاح في سبيلها
سابعها: أنها واقعية ومرتبطة بالحياة، وتلمس حاجة الإنسان؛ بخلاف الحقوق في التشريعات الأجنبية فإنها منصبغة بالصبغة الفلسفية
5/ أيها المسلمون: إن شريعة الإسلامية قد انفردت بجملة من حقوق الإنسان:
أولاً: حقه في الحياة؛ فلا يجوز الاعتداء على حياته لا من قبل نفسه ولا من آخرين، ولا نجد في القرآن تشديداً في جريمة كما هو التشديد في جريمة القتل {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل} وليس هذا قاصراً على المسلم وحده، يقول النبي صلى الله عليه وسلم “ألا مَنْ ظلمَ مُعاهداً، أو انتقصه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طِيبِ نَفْسٍ فأنا حجيجه يوم القيامة” رواه أبو داود
ثانياً: حقه في الكرامة الإنسانية، فهو أكرم مخلوق على الله؛ يقول سبحانه {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} وقام النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى جنازة؛ فلما قيل له: إنها ليهودي!! قال “أليست نفساً” رواه البخاري ومسلم
ثالثاً: حقه في حرية الاعتقاد، فلم يحفظ التاريخ أن المسلمين قد أكرهوا أحداً على الدخول في دينهم أو على الخروج من دينه، والنص القرآني في ذلك {لا إكراه في الدين}
رابعاً: حقه في الحرية، سواء في ذلك حرية التنقل والسفر، أو حرية العمل والتكسب، أو حرية الفكر والإبداع، والمبدأ الإسلامي الذي أرساه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً”
خامساً: حقه في أن يعيش حياة آمنة لا يخضع فيها لتعذيب أو إهانة، ففي الحديث “إن الله ليعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا” رواه مسلم
سادساً: حقه في أن يحافظ على براءته؛ فلا يُعتدى على الطفل ولا الشيخ الكبير ولا المرأة في حال نشوب الصراعات، وفي ذلك وصية النبي صلى الله عليه وسلم لقادة الجيوش “اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا}
سابعاً: حق الإنسانية في عدم إتلاف الزروع وتخريب المباني المدنية أثناء النزاعات؛ ففي وصية أبي بكر رضي الله عنه لأسامة حين بعثه إلى الشام {ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً، ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة، ولا بقرة، ولا بعيراً إلا لمأكلة” رواه مسلم
ثامناً: حقه في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ قال سبحانه {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}
تاسعاً: حقه في التعليم والصحة، وفي ذلك النصوص المتكاثرة الآمرة بالعناية بالتعليم في حال الصغر والكبر معاً، والعناية بصحة الفرد وصحة البيئة وتشريع نظام الحجر الصحي وألا يورد ممرض على مصح
عاشراً: حقه في الاختلاف، ففي القرآن الكريم بيان تلك السنة الإلهية {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} وفي السنة أحداث كثيرة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ينكر على الناس اختلافاتهم إلا إذا خالفت الشرع وباينت الدين
الخطبة الثانية
أيها المسلمون عباد الله: قد كان ما كان من توقيع تلك الوثيقة التي أسموها الوثيقة الدستورية، وثيقة لقيطة لا يُدرَى من كاتبها؟ وما ديانته؟ ولا أين كتبت؟ وثيقة لا ذكر فيها لدين الدولة ولا لغتها ولا مصدر التشريع فيها، قد ضمنت ما يعاب ويذم من معاني ما أنزل الله بها من سلطان، من الدعوة إلى الحريات المطلقة والمصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية دون أن يقيَّد ذلك بألا تخالف شريعة الإسلام.
أيها المسلمون: إن التاريخ سيسجل أن فصيلاً سياسياً بعينه قد استغل ثورة الشعب على أوضاع فاسدة من أجل الانفراد بالأمر من دون الناس؛ فأعطوا أنفسهم – دون تفويض من الشعب ودون أن ينتخبهم أحد – حق وضع دستور انتقالي يلزمون الناس بما لا يلزم من التنكر لدين الأمة
سيسجل التاريخ أن هذه الفئة الباغية قد عملت على تمرير أجندتها الماكرة الخاطئة الكاذبة المعادية لدين البلاد وتراثها، وأنها قد استغلت الدهماء لترويج باطلها وإشاعة إفكها. سيسجل التاريخ أن هذه الفئة قد مارست الإرهاب الفكري والتخوين لكل من عارضها، وروجت الزور عن كل من وقف في طريقها
سيسجل التاريخ أن هذه الفئة قد مارست الابتزاز والتخوين واستقوت بالأجانب من كل قبيل من أجل أن تفرض على بني جلدتها ما ليس من دينها، وبالأمس القريب يصرح من أسموه خبيراً دستورياً، وذكروا صفته أنه المستشار القانوني لقوى الحرية والتغيير؛ حيث لا قانون ولا حرية ولا تغيير، بل إفساد وتغبير؛ يصرح هذا النصراني الشيوعي الكافر بأن من حق البرلمان القادم أن يلغي جرائم الحدود الشرعية مثل حد الزنا!! هكذا يا معشر أهل الإسلام، صرنا في زمان يرفع فيه نصراني شيوعي عقيرته بأنه سيبدل ويغير ما هو من صميم الدين. والله ثم والله
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس
أما المجلس العسكري الذي بذلنا له النصح بأن يتقي الله في دين الأمة وهويتها، وألا يعطي الدنية من أجل لعاعة الدنيا، وقد بذل العهود والمواثيق على ذلك؛ فإن التاريخ سيسجل على رئيسه وأعضائه أنهم بعدما حكموا البلاد شهوراً معدودات قد فرطوا فيما حافظ عليه من كان قبلهم ممن حكموا ثم ذهبوا، سيسجل التاريخ أنهم قد خضعوا للضغوط والابتزاز، وسمحوا لكل من هب ودرج أن يحشر أنفه في شأن بلادنا، وإني قائل لهم:
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
ماذا أنتم قائلون لربكم وقد رضيتم بتغييب هوية البلاد وإلغاء شريعة ربها؟ ماذا أنتم قائلون لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} سيقول أحدكم: خفت من الأمريكان، خفت على رزقي، خفت على ملكي!!
سيشهد عليكم التاريخ أنكم قد بذلتم الدين من أجل الدنيا؛ حرصاً على المنصب حرصاً على الجاه. وهذه عين المداهنة التي يبغضها الله
إن هذه الوثيقة التي وقعت ممن لا يحمل تفويضاً من الشعب – لا مدنيين ولا عسكريين – لا تمثل الشعب السوداني المسلم، وإن واجباً على كل غيور أن ينكر هذا المنكر وأن يسعى في تغييره لئلا نندم حيث لا ينفع الندم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإن لنا بشرى في قانون ربنا {إن الله لا يصلح عمل المفسدين} وفي قول ربنا {إن الله لا يهدي كيد الخائنين} وفي قول ربنا جل جلاله {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق}