خطبة إفتتاح المسجد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإننا في يوم من أيام الله؛ تمت فيه نعمته علينا، وعظم إحسانه إلينا، فنحن في فرح وسرور لاستقبال رمضان شهر القرآن، وهذه هي آخر جمعة في شعبان؛ ونعمة أخرى تمثلت في وجود شيخنا العلامة محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي؛ حيث أبى إلا أن يشاركنا فرحتنا رغم تعدد أعبائه وكثرة مسئولياته، ونعمة ثالثة تمثلت في تشريف السيد رئيس الجمهورية الذي يُرى في كل محفل إسلامي ومشهد إيماني مقدَّماً بين الناس؛ حريصاً على أن يكون في الصفوف الأولى؛ يبارك لأهل الإسلام نعمتهم ويشهد معهم فرحتهم؛ وما طرقنا بابه في مشروع يخدم المسلمين إلا وجدنا منه الكلمة الطيبة والثناء الحسن والفعل الجميل فجزاه الله خيراً وأحسن إليه وبارك فيه ورزقه القول السديد والعمل الرشيد، ومرحباً بالسادة الحضور والسيدات الفاضلات؛ من المسئولين والضيوف والسادة العلماء أئمة الدين
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات؛ حيث نقلنا من الضيق إلى السعة، ومن العسر إلى اليسر، ومن الخير إلى ما هو أفضل وأحسن وأوسع وأجمل. إن تاريخ هذا المسجد يشي بأن في أمة الإسلام في السودان خيراً كثيراً وفضلاً عميماً؛ لا بد أن أذكر بادئ ذي بدء أن هذا المسجد المبارك مؤسس من يومه الأول على تقوى من الله ورضوان؛ يرفع فيه الأذان وتقام فيه الصلوات، وحلق العلم ومجالس الذكر؛ ويفتح ذراعيه للدعاة إلى الله من المشارق والمغارب؛ وما زال الراغبون في الخير من كل حدب وصوب يقبلون عليه ويلجئون إليه؛ طلباً للهدى والتماساً للعلم؛ هو للمسلمين كافة صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم، ما كان يوماً من الأيام لحزب ولا جماعة ولا طائفة ولا طريقة، بل هو لأهل الإسلام كلهم أجمعين، على تعدد جماعاتهم واختلاف مذاهبهم؛ لكل من استقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا؛ عملاً بقول ربنا جل جلاله )وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون(
في هذا اليوم المبارك لا بد أن أقرر أن هذا المسجد المبارك قد بني بأموال سودانية خالصة، وتتابع في الإنفاق عليه رجال مؤمنون ونساء مؤمنات؛ لا بد أن أذكر أسماءهم رغم كونهم لا يحبون ذلك؛ لكن من باب الدلالة على الخير والتماس القدوة في فعالهم؛ في أول أمره كان سوراً من طين وحجرة صغيرة مساحتها أربعة أمتار في ستة؛ تعاون على رفعه أهل الحي على قلة الأموال وكثرة الأعباء؛ لكنهم ـ جزاهم الله خيراً ـ لهم أجر البداية والدلالة على الخير؛ وصلينا فيه على تلك الحال، ثم أكرمنا الله برجل بر وإحسان هو الحاج الأمين البشير الذي شيده على مساحة 18×20 ولم نلبث إلا يسيراً حتى ضاق بالناس؛ فجاء الأخ الكريم الحبيب الدكتور أحمد البدوي محمد الأمين حامد؛ فأحدث نقلة نوعية بالقيام بتوسعة هائلة حتى بلغت مساحته المبنية 1050 متراً في طابقه السفلي وقريباً من ذلك في الطابق العلوي؛ لكن ذلك لم يسع الأعداد الهائلة من طلاب الهدى والباحثين عن الخير.
حتى قيض الله لنا الرجل المبارك البطل القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم، من عهدناه باذلاً للمعروف ساعياً في الخير؛ أخانا الدكتور/ حسن عثمان سكوتة؛ الذي وسع هذا المسجد ليسع 13000 مصلي؛ ولا بد من كلمة أقولها ها هنا بأني كنت كثير الإلحاح على الرجل حتى يحصل الافتتاح قبل هذا الوقت بكثير؛ لكنه كان يأبى ذلك حرصاً منه ـ وفقه الله ـ على أن يضع في كل جانب من جنباته أحسن ما عنده وأفضل ما أنتجته المصانع من فرش أو تكييف أو إنارة أو طلاء أو بلاط أو أثاث؛ أسأل الله أن يجزيه خيراً وأن يوسع عليه في الدنيا والآخرة وأن يبارك له في الأهل والمال والولد وأن يزيده إيماناً وهدى وتوفيقاً.
لا بد أن أشكر الأخ الأكبر المهندس عبد السلام عمسيب وابنيه سامراً وسامياً فقد كانوا معنا من اليوم الأول ولا يزالون؛ إعداداً للخرائط وإشارة بالرأي الصائب وبذلاً للنصيحة، لا يريدون بذلك جزاء ولا شكوراً إلا الثواب من الملك الوهاب. والشكر موصول لأخينا الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم الذي تبرع لنا بمولد كهربائي فخم ضخم يقينا تقلبات الزمان وعوادي الأيام من قطوعات أو تعثرات هيئة الكهرباء
إننا قد وفقنا بحمد الله لإقامة هذا الصرح، ولا بد أن نذكر بعض ما هنالك من نشاط:
من إفطار وقيام وتهجد ودروس علم ومدرسة نسائية يؤمها نحواً من سبعمائة امرأة؛ وقد بذلنا لهن المسجد القديم طيبة بذلك نفوسنا، وتبرع أخونا حسن سكوتة ليجعل من طابقه العلوي قاعات لتدريس أولئك النسوة.