- عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشّهر, يعني رمضان
- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون قبل أن يفترض رمضان، فلما افترض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه ومن شاء تركه)) قال النووي: “اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء اليوم سنّة ليس بواجب… وروي عن ابن عمر كراهة قصد صومه وتعيينه بالصوم، والعلماء مجمعون على استحبابه وتعيينه
3ـ وقد استشكل بعضهم هذا الحديث بأنه إذا كان دأب العبد صيام يومي عرفة وعاشوراء، فماذا عسى أن يكفر صيام عاشوراء وقد تقدمه صيام يوم عرفة الذي يكفر سنة ماضية وأخرى آتية؟! وقد أجاب عن ذلك ابن القيم فقال: “وينبغي أن يعلم أن سائر الأعمال تجري هذا المجرى، فتفاضل الأعمال عند الله تعالى بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص والمحبة وتوابعها، وهذا العمل الكامل هو الذي يكفر السيئات تكفيراً كاملا، والناقص بحسبه، وبهاتين القاعدتين تزول إشكالات كثيرة، وهما: تفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب من حقائق الإيمان، وتكفير العمل للسيئات بحسب كماله ونقصانه. وبهذا يزول الإشكال الذي يورده من نقص حظه من هذا الباب على الحديث الذي فيه: ((إن صوم يوم عرفة يكفر سنتين، ويوم عاشوراء يكفر سنة))، قالوا: فإذا كان دأبه دائما أنه يصوم يوم عرفه فصامه وصام يوم عاشوراء، فكيف يقع تكفير ثلاث سنين كلَّ سنة؟! وأجاب بعضهم عن هذا بأن ما فضل عن التكفير ينال به الدرجات، ويا لله العجب، فليت العبد إذا أتى بهذه المكفِّرات كلها أن تكفر عنه سيئاته باجتماع بعضها إلى بعض، والتكفير بهذه مشروط بشروط، وموقوف على انتفاء موانع في العمل وخارجه، فإن علم العبد أنه جاء بالشروط كلها، وانتفت عنه الموانع كلها، فحينئذ يقع التكفير، وأما عمل شملته الغفلة أو لأكثره، وفقد الإخلاص الذي هو روحه، ولم يوَفّ حقّه، ولم يقدره حق قدره، فأي شيء يكفر هذا؟! فإن وثق العبد من عمله بأنه وفاه حقه الذي ينبغي له ظاهرا وباطنا، ولم يعرض له مانع يمنع تكفيره، ولا مبطل يحبطه، من عجب أو رؤية نفسه فيه أو يمن به أو يطلب من العباد تعظيمه به أو يستشرف بقلبه لمن يعظمه عليه أو يعادي من لا يعظمه عليه ويرى أنه قد بخسه حقه وأنه قد استهان بحرمته، فهذا أي شيء يكفر؟! ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر، وليس الشأن في العمل، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه.ا.هـــــــــــ