خطبة عيد الفطر 1428
1ـ الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً، الحمد لله الذي له ما في السموات والأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير، الحمد لله الذي جعلنا من خير أمة أخرجت للناس، الحمد لله على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة حيث أرسل إلينا خير رسله وأنزل علينا خير كتبه، وهدانا لمعالم دينه الذي ليس به التباس، الحمد لله على نعمة الإيمان والإسلام والقرآن، الحمد لله على نعمة الصيام والقيام، الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة ما علمنا منها وما لم نعلم، الحمد لله على نعمة الأزواج والذرية، الحمد لله على نعمة الأخوة والعقل والعلم والفهم، الحمد لله على العافية والستر
2 ـ أيها المسلمون: اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً، اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم، واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون
3 ـ أيها المسلمون: اشكروا نعمة الله عليكم؛ فهذا يوم الذكر والشكر، هذا يوم الخير والبر، هذا يوم الجوائز، هذا يوم القبول، هذا يوم الفرح والسرور {للصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بلقائه} عيدنا عيد التكبير والتهليل، عيد الدعاء والرجاء، لا عيد المبتدعة والمشركين، ولا عيد اللاهين اللاعبين، ولا عيد العابثين الفارغين، بل الفرحون بهذا العيد هم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله، وبشر المؤمنين. قد خرجتم إلى هذه الساحة مكبرين مهللين؛ فلا كبير إلا الله ولا عظيم إلا الله، الله أكبر من طغيان الطاغين ومن بطش المستكبرين، الله أكبر من المال والبنين، الله أكبر من كل شيء
4ـ أيها المسلمون: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، أيها المسلمون: غضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم وكفوا أيديكم، اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا عاهدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا؛ إن الله يعلم ما تفعلون، أيها المسلمون: أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين، وزنوا بالقسطاس المستقيم، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، احذروا الغش في أقوالكم وأفعالكم ومعاملاتكم
5 ـ تذكروا أيها المسلمون من صلى معكم العيد في أعوام ذاهبات من الآباء والأمهات والأصحاب وذوي القرابات، أين هم الآن؟ صاروا في قبورهم مرتهنين بأعمالهم، لا يملكون زيادة في حسناتهم ولا نقصاً من سيئاتهم، رحلوا من هذه الدنيا، ولم يمنعهم من الموت مال ولا بنون ولا دور ولا قصور، نظر بعض الصالحين إلى الناس يوم العيد وما هم عليه من الزينة فقال: هل ترون إلا خرقاً تبلى، ولحماً يأكله الدود غداً
6 ـ أيها المسلمون: ليكن أملكم في الله عظيماً؛ فدينكم خير الأديان، وشريعتكم أكمل الشرائع، ونبيكم سيد النبيين، وإمام المرسلين، دينكم هو أعظم الأديان انتشاراً، وكتابكم هو كلمة الله الأخيرة للبشر، لا تيأسوا من روح الله، ولا يهولنكم ما عليه أعداء الله من الاستئساد على المسلمين وفض بيضتهم فعما قليل ليصبحن نادمين، والله من ورائهم محيط، تذكروا كيف ارتد المرتدون، وكيف منع الزكاة المانعون، تذكروا حروب التتر والصليبيين؛ كيف قيض الله للإسلام رجالاً حملوا رايته وحموا رسالته؟ وما أشبه الليلة بالبارحة، والحمد لله رب العالمين