خطب الجمعة
خطبة عيد الفطر لعام 1430
- حمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله والصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم
- الحديث عن وجوب شكر نعمة الله تعالى في إتمام الصيام والقيام، وأنه لا يتحقق إلا بخمسة أركان وهي خضوع الشاكر للمشكور، وحبه له، والاعتراف بنعمته والثناء بها عليه، وألا يستعملها فيما يكره؛ مع التذكير بنصوص نصوص القرآن في الشكر؛ كقوله تعالى )فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون( وقوله سبحانه )كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون( )فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين( )وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون( )إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم( )بل الله فاعبد وكن من الشاكرين( وأنها صفة الصالحين من عباد الله )شاكراً لأنعمه( )إنه كان عبداً شكورا( )اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور( )فتبسم ضاحكاً من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي( وفي السنة عن نبينا صلى الله عليه وسلم {يا أبا هريرة: كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قنعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب}
- يا أيها المسلمون )اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها( واعلموا أن نبيكم ذكر صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله {رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه} وذكر من الخصال الثلاث الموجبة لوجود حلاوة الإيمان {أن يحب المرء لا يحبه إلا لله} وبين عليه الصلاة والسلام أن من زار أخاً له في الله أرسل الله على مدرجته ملكاً يخبره أن الله يحبه كما أحب أخاه، وأخبر أن دعاء المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجاب، وأخبر أن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، وأن من ردَّ عن عرض أخيه المسلم ردَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة، وجعل من حقوق الأخوة أن يسلِّم عليه إذا لقيه، وأن ينصح له إذا استنصحه، وأن يعوده إذا مرض وأن يشمته إذا عطس، وأن يتبعه إذا مات، وأن يلقاه بوجه طليق، وأن يلين له القول
- اعلموا ـ بارك الله فيكم ـ أن أموراً تنافي الأخوة يجب علينا اجتنابها، ومن ذلك الشحناء والتباغض {تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً؛ إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء؛ فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا} رواه مسلم، ومن ذلك احتقار المسلم وانتهاك حرمته {بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه} رواه الشيخان، ومن ذلك أن يبيع المسلم على بيع أخيه أو يخطب على خطبة أخيه {لا يبع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يزيدن على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه} ومن ذلك السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب السيئة وكل ما يؤذي كالتجسس والغيبة والنميمة
- أيها المسلمون: أحسنوا إلى زوجاتكم وخالقوا من ولاكم الله أمره بأحسن الخلق، واعلموا أن نبيكم r قد قال {خيركم خيركم لأهله} وقد قال {أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم} أنفقوا على الأزواج والعيال، اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرِّح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف} وقال r لمعاوية القشيري حين قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال {أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت} رواه أبو داود.
- إن الأمة على أبواب صراع عنيف ومعركة شرسة، قد تهلك الأخضر واليابس، وتغير معالم التاريخ، صراع بين حضارة إسلامية تريد للناس أن يعيشوا أحراراً كما ولدتهم أمهاتهم، وحضارة صهيونية صليبية تريد استعباد الناس، وإن أول مراحل النصر هو الانتصار على خور النفس وجبن القلب، إن الهزيمة النفسية تفوق بكثير في آثارها ونتائجها الهزيمة العادية، فقد تتحول الهزيمة العسكرية إلى نصر يوم أن تنطلق الإرادة لتواجه التحدي، لكن الهزيمة النفسية تظل تقيد إرادة الإنسان، وتعطل قدرته على المقاومة. وفي التاريخ الحديث شواهد: دحرت فرنسا أمام قوات النازي، وانهار جيشها بعدما سيطرت عليه روح الانهزامية إلى حد اعتراف رئيس وزراء فرنسا آنذاك بأن فرنسا لم تستطع مقاومة الاحتلال، وفيتنام وهي دولة كافرة، لا تؤمن برب ولا دين، لكنها انتصرت بإيمان شعبها بالنصر، وضرورة الاستمرار في التحرر من ذل المستعمر الأمريكي، وقد أقسم رئيسها زعيم المقاومة آنذاك أنه لن يذعن ولو استمرت الحرب ربع قرن. إن الخوف والجبن إذا سيطر على فرد رجلاً كان أو امرأة، ألقى به في أغلال الأوهام، وجعله حبيس المجهول، وعطل حركته عن كل نافع، وشل تفكيره عن كل مفيد، ولهذا جاءت الشريعة بالحث على نبذه والتخلي عنه، وربط القلوب بالله عز وجل )الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم $ الذين قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل $ فانقلبوا بنعمة الله من فضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم $ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين(
- أيها المسلمون: بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم، وأحسنوا إلى الناس يحسن الله إليكم، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، تقربوا إلى الله بالطاعات، سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء أعدت للذين آمنوا بالله ورسله، اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا، يا مسلم أعط من حرمك واعف عمن ظلمك وصل من قطعك