خطبة عيد الفطر لعام 1434
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير، الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك؛ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شءت من شيء بعد؛ أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، لك الحمد كما ينبغي أن تحمد وكما تحب أن تحمد، لك الحمد بالإيمان ولك الحمد بالإسلام ولك الحمد بالقرآن ولك الحمد بالمال والأهل والمعافاة، كبت عدونا وأظهرت أمننا وأحسنت معافاتنا ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا؛ فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا.
{اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد}
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلا، أما بعد.
أيها المسلمون عباد الله: احمدوا الله واشكروه على نعمه الجزيلة وآلائه العظيمة، اذكروا الله ذكراً كثيراً، وسبحوه بكرة وأصيلا، احمدوه على نعمة الصيام والقيام، احمدوه على نعمة القرآن والإيمان، احمدوه على نعمة الهداية والتوفيق لصالح الأعمال، احمدوه على صحة البدن وعافية الجسد، احمدوه على سعة الرزق وبركة العمر، فكم لله علينا من نعمة قل له بها شكرنا، لكنه جل جلاله لم يحرمنا ولم يعاقبنا، بل زادنا من فضله وأفاض علينا من خزائن جوده {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} وقد قال جل من قائل “إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي؛ خيري إلى العباد نازل، وشرهم إليَّ صاعد، أتحبب إليهم بالنعم، ويتبغضون إليَّ بالمعاصي” {ولكن أكثر الناس لا يشكرون} فاللهم ارزقنا شكر نعمتك وحسن عبادتك يا أرحم الراحمين.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا
أيها المسلمون عباد الله: قد كنا بالأمس صائمين، وقد صرنا اليوم مفطرين، كان الطعام علينا بالأمس في النهار حراماً، وصار الصيام اليوم بالنهار حراما، بالأمس أطعنا ربنا بالصيام واليوم نجيب دعوته إلى الفطر؛ لأنه ربنا ونحن عبيده، لأنه سيدنا ونحن جنوده، {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا} {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون. ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} هذه هي العبودية الحقة يا مسلم ألا يكون لك مع قول الله قول، ولا مع حكمه حكم، بل أنت السامع المطيع، أنت عبد الله المسارع في طاعته، المسابق إلى مرضاته، المنافس فيما يحبه جل جلاله {لمثل هذا فليعمل العاملون} {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا
أيها المسلمون عباد الله: هنيئاً لكم بطاعة ربكم والتقرب إلى مولاكم، هنيئاً لمن صام وقام، “من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه” هنيئاً لمن صدق وصلى؛ فإن أحب العمل إلى الله سرور تدخله على مسلم: تطرد عنه جوعاً أو تقضي عنه ديناً أو تكشف عنه كربة، هنيئاً لمن فطر الصائمين وأطعم المساكين، فإن الناس يحشرون يوم القيامة أجوع ما كانوا قط، وأظمأ ما كانوا قط، وأعرى ما كانوا قط؛ فمن أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كسا مسلماً على عري كساه الله من حلل الجنة، هنيئاً لمن قرأ القرآن وأرضى الرحمن، هنيئاً لمن تاب وأناب، هنيئاً لمن دمعت عيناه من خشية الله “عينان لا تمسهما النار: عين غضت عن محارم الله، وعين خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله” فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إلا إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا
أيها المسلمون عباد الله: إن أحب العمل إلى الله تعالى أدومه وإن قل، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، والله يحب المتقين، واظبوا على طاعة الله بعد رمضان واجتنبوا معصيته، غضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم، وكفوا أيديكم، واطعموا حلالاً، {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} {توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار} واعلموا أن الإسلام ليس بالتسمي والانتساب من غير التزام لأحكامه وقيام بواجباته وابتعاد عن مناقضاته ومنقصاته، إن للإسلام أركاناً وشرائع وسنناً، تعظيماً للخالق وإحساناً للمخلوق، فالمسلم من أدى الواجبات واجتنب المحرمات، فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأقام الصلاة وآتى الزكاة، وصام رمضان وحج بيت الله الحرام وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فاحذروا أذية المسلمين بأي نوع من أنواع الأذى قال تعالى ((والذين يؤذون المسلمين والمسلمات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً)) أيها المسلمون: غضوا من أبصاركم؛ فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، يزرع الشهوة في القلب، ويجر إلى الفواحش، أيها المسلمون ((أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين _ وزنوا بالقسطاس المستقيم _ ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين)) احذروا الغش في بيعكم وشرائكم وسائر أعمالكم، فإن الغش ظلم والظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفجور في الخصومات والتساهل بالأيمان والشهادات، قال تعالى ((إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)) واحذروا أخذ الرشوة وأكل الربا وأكل مال اليتيم فإنها من كبائر الذنوب، وعليكم ببر الوالدين وصلة الأرحام فإنها سبب لسعة الرزق وبركة الأعمار، تواصلوا رحمكم الله بالتحف والهدايا وأنواع الإكرام وبالعطف واللطف ولين الكلام، فمن وصل رحمه أوصل له الخيرات وبسط له البركات، وليس الواصل بالمكافئ
أيها المسلمون عباد الله: أنتم في يوم من أيام الله، يوم أكل وشرب وذكر وشكر، يوم المرحمة يوم التوسعة على الأهل والعيال، يوم الفرح بنعمة الله تعالى “للصائم فرحتان فرحة بفطره وفرحة عند لقاء ربه” ليس هذا اليوم للأحزان والأشجان ولا للبكاء والعويل ولا للصراخ والنحيب، ولا هو يوم لزيارة المقابر وتذكر الأموات، بل هو يوم الفسحة والسرور، يوم البهجة والحبور، يوم لإحياء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهديه.
حديث عن أحداث مصر، وما يراد بالدول التي تحررت من ربقة الاستعباد وحكم الطائفة العلمانية النكدة التي كان حكمها خراباً للبلاد وإفساداً للعباد.