الونسة مع العراف
ما حكم من أتي عرافاً أو كاهناً وتكلمت معه في أمور الحياة العادية فصدقته؟ وما الحكم إذا نصحني في بعض الأمور مثل أن أنقص من وزني لكي أتجنب المرض وصدقته؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
أولاً: لا يعلم الغيب إلا الله، قال الله تعالى (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون) وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم ـ وهو أشرف الخلق ـ أن يقول (لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب) وأن يقول (لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء) وكذلك الجن لا يعلمون الغيب كما قال سبحانه في قصة نبيه سليمان عليه السلام (فلما خرَّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين)
ثانياً: إن الكاهن أو العراف ـ مسلماً كان أو كتابياً ـ هو من يدَّعي معرفة الغيب من ضارب بالحصى أو الودع أو ناظر في النجوم أو خاطٍّ في الرمل أو قارئ للفنجان أو من له اتصال ببعض الجن الذين يخبرونه ببعض المغيبات، وهذا الكاهن أو العراف يمارس حراماً بادعائه علم الغيب لأنه معارض لقول ربنا في القرآن ((قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله)) وقوله سبحانه ((عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول))
ثالثاً: وقد حرَّمت الشريعة إتيان هؤلاء الكهان أو الجلوس إليهم أو تصديقهم فيما يدَّعون فقال النبي صلى الله عليه وسلم {من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الل عليه وسلم} ولما سأل معاوية بن الحكم رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان قال عليه الصلاة والسلام: {ليسوا بشيء} فقال معاوية: إنهم يخبروننا بالشيء أحياناً فيكون حقاً؟ قال عليه الصلاة والسلام: {تلك الكلمة يخطفها الجني فيلقيها إلى وليه من الكهان قبل أن يدركه الشهاب فيخلط معها مائة كذبة} رواه مسلم.
ثالثاً: ينبغي إعلام الكاهن أو العراف بأن كسبه خبيث لقول النبي صلى الله عليه وسلم {مهر البغي خبيث، وحلوان الكاهن خبيث، وثمن الكلب خبيث} رواه أحمد
رابعاً: يحرم موالاة هؤلاء الكهان أو تعظيمهم أو البشاشة في وجوههم ومن وقع في شيء من ذلك لزمته التوبة النصوح، والواجب الشرعي يحتم البراءة منهم وهجرهم وتحذير الناس من شرهم وبيان حكم الشرع فيهم؛ لقوله تعالى ((لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله)) وقوله تعالى ((لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء)) والله تعالى أعلم.