تأبين الميت
ما حكم إقامة تأبين للميت بعد وفاته؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالجواب على هذا السؤال يقتضي بيان ماهية التأبين المسئول عنه؛ فإذا كان المراد منه اجتماع الناس بعد وفاة فلان من الناس، ثم تنافس الخطباء في الكلام عنه، وإضفاء المحاسن عليه؛ بما يتضمنه ذلك من الكذب والإخبار بخلاف ما كان عليه؛ كقول بعضهم عن بعض أكابر المجرمين من الكفار الفجار: أسأل الله أن يسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين!! وقول آخر عن بعض عتاة البشر: إن وفاته خسارة عظيمة للأمة الإسلامية!! ونحو ذلك من الزور؛ فإنه لا شك في منعه وتحريمه، وقد قال سبحانه ((إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون)) وقال ا لنبي r {وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا}
وأما إذا كان للميت يد بيضاء في خدمة الإسلام وأهله، وقد اشتهر بالفضل والصلاح والسعي في مصالح الناس؛ كالأئمة العدول والعلماء العاملين والشهداء والصالحين؛ فلا بأس من ذكر محاسنهم والتنويه بفضائلهم؛ ليقتدي بهم السائرون إلى الله تعالى؛ قال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى: وأما المراثي التي فيها ثناء على الميت ، ودعاء له ؛ فغير مكروه ، وقد رثى رسول الله صلي الله عليه وسلم غير واحد من الصحابة بمراثي رواها العلماء، ولم يكرهوا إنشادها، وهي أكثر من أن تحصى.ا.هـــــــــ ولا بأس أن يكون ذلك عند الدفن أو بعده، ولكن بشروط:
- ألا يكون الغرض منها استثارة الحزن واستدرار الدموع من السامعين؛ لأن ذلك يناقض ما أمر الله به من الصبر والتسليم لقضاء الله وقدره
- ألا تتضمن مبالغات ممقوتة أو عصبيات جاهلية، بل يذكر الميت بما هو فيه من الخير والبر والإحسان؛ عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم {اذكروا محاسن موتاكم} رواه أبو داود والترمذي والحاكم
- أن يكون الباعث عليها حث الناس على الاقتداء بالمتحدَّث عنه في مكارم أخلاقه ومحاسن عاداته، وسعيه في نفع الناس