حق الزوج على زوجته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيوخي الأفاضل جزاكم الله الفردوس الأعلى من الجنة، ما مدى صحة هذا الحديث: “حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانِ بْنِ سَعِيدٍ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْيَمَامِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيَ هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا فُلانَةُ بِنْتُ فُلانٍ، قَالَ: “قُولِي فَمَا حَاجَتُكِ؟” قَالَتْ: حَاجَتِي أَنَّ فُلانًا يَخْطُبُنِي، فَأَخْبِرْنِي مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ؟ فَإِنْ كَانَ شَيْئًا أُطِيقُهُ تَزَوَّجْتُهُ، وَإِنْ لَمْ أُطِقْهُ لا أَتَزَوَّجُ، قَالَ: “إِنَّ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَوْ سَالَ مَنْخِرَاهُ دَمًا أَوْ قَيْحًا فَلَحِسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ، وَلَوْ كَانَ يَنْبَغِي لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لا أَتَزَوَّجُ مَا بَقِيتُ فِي الدُّنْيَا. أرجو إفادتي عاجلاً..وجزاكم الله خيرا، ونفع بكم الأمة..
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعد.
فهذا الحديث رواه الحاكم والبزار والبيهقي. وقد اختلف أهل العلم قديماً وحديثاً في الحكم عليه؛ فتجد الإمام الحاكم رحمه الله يقول: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. بينما يقول الهيثمي في مجمع الزوائد 4/56: رواه البزار وفيه سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف.
وقد صحح الشيخ الألباني رحمه الله رواية أخرى عند النسائي والبيهقي والدارقطني والحاكم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت حقه..} وصححه الألباني.
ونجد في معناه الرواية التي عند البزار {أو انتثر منخراه صديدا أو دما ثم ابتلعته ما أدت حقه} وعند أحمد في رواية: {والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه} وقد ضعفها الشيخ شعيب الأرناؤوط رحمه الله تعالى في تحقيقه للمسند
وعلى فرض صحة الرواية فليس مراد النبي صلى الله عليه وسلم قطعاً ظاهرها؛ لأن الدم والقيح والصديد من الأعيان النجسة التي يحرم تناولها، وإنما الحديث – على فرض صحته – محمول على المبالغة في تصوير حق الزوج على زوجته؛ وتأكيد طاعته وتعظيم شأنه، وتغليظ كفران نعمته؛ فهو من باب قوله تعالى ((قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين)) وقوله صلى الله عليه وسلم {ولو تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة} والله تعالى أعلم.