الضرائب على الفوائد
تدفع الشركة التي أعمل بها فوائد عن قروض طويلة الأجل لشركة خارج السودان؛ علماً بأن الشركتين أجنبيتان؛ فهل يجوز لديوان الضرائب فرض ضريبة على هذه الفوائد استناداً على قانون الضرائب الذي يجيز فرض ضريبة على كل الدخول المحققة في السودان التي دفعت لشخص مقيم أو غير مقيم؟ وما حكم من يحرص على تحصيل مثل هذه الضريبة دون النظر إلى مشروعية الدخل؟ وجزاكم الله خيرا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالضرائب وظيفة في المال تفرض من قبل الدولة على القادرين من أجل مواجهة بعض المصروفات التي يعود نفعها على الجميع ـ كبناء الجسور وتعبيد الطرق وشق الترع وإقامة المدارس ـ وغير ذلك مما لا طاقة للدولة بها ولا تسمح به مواردها، وينبغي للدولة أن تراعي في فرضها العدالة، وفي صرفها المصلحة، وأن يكون فرضها مقيداً بالحاجة الداعية إليها؛ فمتى ما زالت الحاجة أو كان في موارد الدولة كفاية امتنعت من هذه الضرائب؛ فليست هي ضربة لازب لا فكاك منها.
وأما الفوائد على القروض طويلة الأجل فقد اتفقت كلمة المجامع الفقهية على أنها من ربا الجاهلية المحرَّم، ولا يؤثر في هذا الحكم تسميتها فوائد أو عائداً استثمارياً، والمنبغي في حق الدولة أن تمنع مثل هذه الأنشطة وتحول بين أصحابها وممارسة هذا المنكر الذي يعود ضرره على الجميع؛ كما قال سبحانه ((وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربو عند الله)) وقال ((يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم)) وقال ((اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين # فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله))
والمقرر في الفقه الإسلامي أن المتحصل على دخل غير مشروع ـ كالاتجار في المحرمات والتعامل بالربا ـ فإن دخله يصادَر لصالح بيت المال؛ فمن باع كلباً مثلاً ـ وهو منهي عن بيعه ـ فإنه يصادَر المال الذي اكتسبه من هذا البيع، ولا يُردُّ الثمن إلى المبتاع لئلا نجمع له بين العوض والمعوَّض؛ ففي مثل السؤال الوارد ينبغي منع هذا النشاط ابتداء، ومن تعاطاه مخالفاً لقانون الشريعة فإنه ينبغي مصادرة الكسب الناتج منه، والله تعالى أعلم.