زوج مدمن على الأفلام الإباحية
إنني متزوجة منذ سنين، وزوجي مدمن على مشاهدة الأفلام الإباحية، ويصر على معاشرتي من المكان الذي حرَّمه الله، رفضت وحاولت أن أصلحه بدون فائدة، وأصبح ينام بغرفة لوحده مع التلفزيون والكمبيوتر..ولا يعاشرني معاشرة الأزواج إلا قليلاً مع العلم أنني أصغر منه سناً؛ فعمري 30 سنة بينما عمره هو40 سنة، الأمر الذي اضطرني لممارسة العادة السرية، لاعتقادي بأنها أخف من الزنا.. وأنني لا أجد سوى هذا الحل.. هل هو حرام بحالتي؟..أليس أفضل من الزنا وأعف لي؟!..ما هو الحل؟ هل أطلب الطلاق وأخرب بيتي وأترك أولادي وبيتي لأنني سنين حاولت معه وبدون فائدة؟ وأنه لا يوجد بي أي شيء ينفره مني على العكس أرجو الرد، ولكم الشكر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فإنَّ مِن حقِّ الزوجةِ على زوجِها أنْ يُعِفَّها، ويَحْرُمُ عليه أنْ يُفَرِّطَ في ذلك ويَنشَغِلَ عنها بالحلال؛ فكيف بالحرام؟! وقد آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا…فَقَالَ سَلْمَانُ لأبي الدرداء {إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا؛ فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ!} فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم {صَدَقَ سَلْمَانُ} رواه البخاري. قال ابن حجر رحمه الله تعالى: “فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ تَزَيُّنِ الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا، وَثُبُوتُ حَقّ الْمَرْأَة عَلَى الزَّوْج فِي حُسْن الْعِشْرَة، ويُؤْخَذ مِنْهُ ثُبُوتُ حَقِّها فِي الْوَطْء لِقَوْلِهِ {وَلأهْلِك عَلَيْك حَقًّا}، ثُمَّ قَال {وَائْتِ أَهْلَك}، وَقَرَّرَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ”[فتح الباري 6/236].
وإنَّ في شَقاءِ هذا الزوجِ الْمُعْرِضِ عن الطيِّبِ اللاهِثِ وراءَ الخبيثِ لَعِبْرَةً لأولي الألباب بأنَّ أهلَ الخبائثِ يشْقَوْن ولا يُفْلِحُون )قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون( فقد ابتلى الله هذا الزوجَ الذي ضيَّعَ حقَّ امرأتِه بالحرمانِ من لَذةِ الحلالِ وأجْرِه؛ وأرْهَقَه بشِقْوَةِ الحرامِ ووِزْرِه! فحالُ هذا الزوج ـ عياذاً بالله ـ كحالِ اليهودِ الذين زهِدُوا فيما ينفع وتعلقوا بما يضر، قال السعدي: “فتركوا علم الأنبياء والمرسلين، وأقبلُوا على علمِ الشياطين، وكلٌّ يصبُو إلى ما يُناسِبُه” و”من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه وأمكَنَه الانتِفاعُ به فلم ينتَفِعْ؛ ابتُلِيَ بالاشتِغالِ بما يَضُرُّه” [السعدي1/60-61].
وقد وسَّعَ الله جل جلاله على عبادِه، وحَصَّنَهم بالزواج وغضِّ البصر؛ وأما الاستمناء (العادةُ السِّريةُ) فحرامٌ؛ لقول الله جل جلاله )والذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ! إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أو ما مَلَكَتْ أيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ! فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ( قال البغوي رحمه لله: )فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُون( الظالمون المتجاوِزُون من الحلالِ إلى الحرام؛ وفيه دليلٌ على أنَّ الاستِمناءَ باليدِ حرامٌ، وهو قولُ أكثَرِ العلماء” [تفسير البغوي 5/410]. وقال ابنُ عَطِية رحمه الله: “قوله )إلا على أزواجِهم أو ما مَلَكَتْ أيمانُهم( الآية، يقتضي تحريم الزِّنا والاستِمناء” [المحرر الوجيز 5/14]. وقال ابنُ كثير رحمه الله: “استدلَّ الإمام الشافعي رحمه الله ومن وافَقَه على تحريم الاستِمناء باليد بهذه الآية الكريمة )وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ( قال: فهذا الصنيعُ خارجٌ عن هذين القِسْمَين، وقد قال: )فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُون( [تفسير ابن كثير 5/463].
وليس الاستمناء حَلاًّ معاذَ الله! فقد اقتضَتْ حِكمةُ الله جل جلاله أن لا يكونََ العفافُ إلا في الحلالِ الطيِّب! )والذي خبُثَ لا يخرج إلا نَكِداً( وللسائلةِ أن تتدرَّجَ في أمرين على هذا الترتيب: أولهما: أنْ تُكْثِرَ مِن نُصْحِ زوجِها وتخويفِه من الله جل جلاله أنْ يُنْزِلَ عليه غضبَه أو يقبِضَ رُوحَه على معصيتِه، وننصَحُها أنْ تَصْبِرَ عليه ولا تيأسَ من رَوْحِ الله؛ وأنْ تكثرَ من الدعاءِ له بالهداية، وتجتهدَ مع ذلك في التزيُّنِ لزوجِها وحُسنِ التبعُّلِ له وأنْ تتَحبَّبَ إليه بأحسنِ الكلامِ والزِّينة؛ فربما كان إهمالُها لنفسِها سبباً دفعَه إلى الحرام؛ بحثاً عن الإثارة وهو آثِمٌ في ذلك، وعليها أن تسعى إلى تقريبِه من الصالحين وإبعادِه عن رِفاقِ السُّوء؛ فقلما يُضَيِّعُ الرجلُ حُقُوقَ الزوجية إلا وله شياطينُ من الإنس والجن يُبْعِدُونه عن الحلالِ ويُقرِّبونه من الحرام. والأمر الآخَرُ: أنَّ لها أنْ تستَعِينَ ببعضِ الأخيارِ من أهلِها وأهلِ زوجِها لإنقاذ الأسرة واختيارِ حَكَمٍ من أهلِه وحَكَمٍ من أهلِها من أصحابِ الدِّين والمروءة والحكمة؛ فإنْ لم يزدَجِرْ وفضَّلَ عيشَ البهائمِ فلها أنْ تُقاضِيَه بعد إقامةِ الحجةِ عليه. وننصَحُ السائلةَ بالصَّبرِ واحتِسابِ الأجرِ والاستِعانةِ بالله جل جلاله، ثم بالتعاوُن مع الثقاتِ من أهلِ الدِّينِ والعِلمِ والرأي؛ ونبشِّرُها بقولِ الله جل جلاله )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم( )وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا(