حكم وصل الشعر تجملا للزوج
ما حكم امرأة تصل شعرها بشعر مزيف زينة لزوجها فقط داخل المنزل؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فلا يجوز وصل شعر الآدمي بشعر آخر سواء كان طبيعياً أو صناعياً، ولا يجوز وصله بما يشبه الشعر ويحصل به التدليس من صوف أو وبر أو خيوط صناعية؛ لأن علة تحريم الوصل قد تحققت فيه، وأما إذا كان الموصول به لا يشبه الشعر الطبيعي ولا يحصل به تغرير، ويدرك الناظر إليه بداهة أنه ليس شعراً فلا يحرم الوصل به سواء كان صوفاً أو خيطاً أو غير ذلك لعدم وجود علة التحريم؛ سواء كانت العلة هي تغيير خلق الله عز وجل أو التدليس. وقد دلت على ذلك النصوص الشرعية، منها ما رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت، فتمعَّط[1] شعرها، فأرادوا أن يصلوها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لعن الله الواصلة والمستوصلة)، وروى البخاري في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أنكحت ابنتي، ثم أصابها شكوى، فتمرَّق[2] رأسها، وزوجها يستحثني بها، أفأصل شعرها؟ فسبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة. وفي رواية أن ذلك المرض كان الحصبة[3] وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله الواصلة والموصولة. قال ابن قدامة في المغني: فلا يجوز وصل شعر المرأة بشعر آخر؛ لهذه الأحاديث، وأما وصله بغير الشعر فإن كان بقدر ما تشدُّ به رأسها فلا بأس به؛ لأن الحاجة داعية إليه ولا يمكن التحرز منه، وإن كان أكثر من ذلك ففيه روايتان: إحداهما أنه مكروه غير محرم؛ لحديث معاوية في تخصيص التي تصله بالشعر، فيمكن جعل ذلك تفسيراً للفظ العام، وبقيت الكراهة لعموم اللفظ في سائر الأحاديث، وروي عنه أنه قال: لا تصل المرأة برأسها الشعر ولا القرامل ولا الصوف نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فكل شيء يصل فهو وصال. قال ابن قدامة رحمه الله: والظاهر أن المحرَّم إنما هو وصل الشعر بالشعر؛ لما فيه من التدليس واستعمال الشعر المختلف في نجاسته، وغير ذلك لا يحرم لعدم هذه المعاني فيها، وحصول المصلحة من تحسين المرأة لزوجها من غير مضرة. والله تعالى أعلم.
[1] قال الحافظ في الفتح: أي خرج من أصله، وأصل المعط المد؛ فكأنه مد إلى أن تقطع، ويطلق أيضاً على من سقط شعره
[2] قال الحافظ في الفتح: فتمزق بالزاي أي تقطع وهي رواية مسلم، وبالراء أي مرق من أصله وهي أبلغ، ويحتمل أن يكون من المَرْق وهو نتف الصوف
[3] بَثْرٌ تخرج في الجلد، ومنه يقال: حصب جلده يحصب