الإضراب عن العمل
ما يحصل في كثير من الدول الإضراب عن العمل لتحقيق بعض المطالب للعامل أو تحسين بعض الأوضاع، فما حكم الإضراب عن العمل وما التخريج الشرعي لها؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالوضع الأمثل أن يكون ثمة توافق بين العامل وصاحب العمل؛ وأن يؤدي كل منهما واجبه ويطالب بحقه، فيؤدي العامل ما كلف به من العمل على الوجه الأكمل، ولا يكن همه أن يحصل على كامل حقه بأدنى جهد بل يتقي الله تعالى في عمله ويستحضر قوله صلى الله عليه وسلم {إن الله تعالى يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه} وفي لفظ {أن يتمه} كما أن على صاحب العمل أن يوفي العامل حقه وفق الشروط التي وقع عليها التعاقد، ويعلم يقيناً أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن الله تعالى سيقتص لهذا المظلوم يوم القيامة حين يكون الحساب بالحسنات والسيئات لا بالدنانير والدراهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {من ولي لنا عملاً وليس له زوجة فليتخذ زوجة، ومن ولي لنا عملاً وليست له دابة فليتخذ دابة} ثم بعد ذلك ليحرص العامل على ألا يصيب مالاً أو متاعاً لا حق له فيه؛ فإن نبينا عليه الصلاة والسلام قال {من ولي لنا عملاً ورزقناه رزقاً كان ما أخذ بعد ذلك غلولاً يأتي به يوم القيامة}
هذا وعند حصول الخلاف فينبغي اللجوء إلى الحصول على الحق بالطرق السلمية والأساليب الشرعية التي لا حيف فيها ولا ظلم؛ فلا يجوز تخريب الممتلكات ولا الاعتداء على الأنفس ولا إشاعة الفوضى، فإذا كان الإضراب مستلزماً لشيء من ذلك فلا يجوز؛ إذ الظلم لا يعالج بالظلم، وأما إذا كان إضراباً سلمياً يراد به الظفر بالحق فلا حرج فيه إن شاء الله، والله تعالى أعلم.