التهجد والمولد
سلام الله عليكم ورحمته .. لقد ناقشت أحد الأخوة المتصوفة فى قضية المولد وأنه لا يجوز الاحتفال به وأنه من البدع!! فرد على أنه لماذا الناس يجتمعون فى صلاة التهجد على إمام واحد؟ فقلت له: إن هذا كان من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم!! فقال لى: أنا أقصد التهجد تحديدًا؟ فأجبته: أنه لا فرق كلها صلاة قيام!! فرفض وقال: إن فعلها النبي فهى كانت فى التراويح وليس فى التهجد!!!؟ فما رأى الدين فى ذلك؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فالاحتفال بالمولد النبوي إن كان المقصود به ما جرت عليه عادة الناس في هذه البلاد وغيرها من الاجتماع على الرقص والطرب والسهر وكثرة الأكل وما يصحب ذلك من اختلاط الرجال بالنساء وارتكاب ما حرم الله تعالى فلا شك في أن النبي صلى الله عليه وسـلم برئ من ذلك وممن فعله، وقد شابهوا في فعالهم تلك النصارى الضالين حين يرتكبون ما حرم الله عز وجل بزعم الاحتفال بميلاد المسيح عليه السلام، وإن كان المقصود بالاحتفال التذكير بمكارم أخلاقه وعظيم شمائله وحسن سيرته صلوات الله وسلامه عليه فلا يمنع من هذا مسلم سواء وافق ذلك ذكرى مولده أو كان في يوم آخر، لكننا لا نسميه عيداً إذ لا عيد في الإسلام سوى يومي الفطر والأضحى ويوم الجمعة، ولو اجتمع قوم من أجل أن يقرأوا شيئاً من سيرة النبي صلى الله عليه وسـلم في ذكرى مولده أو ليجددوا العهد بالعمل بسنته والسير على نهجه ولم يأتوا بأمر منكر فهم على خير إن شاء الله ويرجى لهم الأجر والقبول، وقد كان من دأب بعض العلماء العاملين أنهم يخصصون شهر ربيع لقراءة كتاب في السيرة تذكيراً بهدي المصطفى صلى الله عليه وسـلم وإحياء لذكراه في قلوب الناس ليزدادوا شوقاً إليه ومحبة له.
أما صلاة التهجد فهي نافلة تجوز في المنزل والمسجد، بل هي في المنزل أفضل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» اللهم إلا في حق المعتكف لأنه لا يبرح المسجد، ولا حرج في اجتماع الناس خلف إمام واحد، وما ذكرته صواب في أن عموم الأدلة تتناولها من استحباب قيام الناس جماعة في رمضان كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس خلف أبي بن كعب رضي الله عنه، وقد قال “نعمت البدعة الحسنة هي، وللتي ينامون عنها خير من التي يقومون لها” يعني صلاة آخر الليل، والله تعالى أعلم.