أحكام اللباس والزينة

هل العمامة لباس شهرة؟

في خطبة الجمعة (بالسعودية) كان يتحدث الإمام عن اللبس المحرم وذكر منهم لبس الشُهرة، وقال: إن لبس العمامة يُعتبر لبس شهرة؛ لأنه ليس اللبس الشائع في بلادنا، وقال بالحرف الواحد: إنه ليس من السنة؛ لأنه كان اللبس الشائع عند العرب قبل الإسلام وأنا كنت اعتقد أن ما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم يُعتبر سنة حتى ولو لم يحث المسلمين على فعله.. أفيدونا جزاكم الله خير دون مراعاة أو محاباة للمجتهدين بالمملكة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فأمر اللباس راجع إلى عرف الناس وما استقر عليه العمل في كل بلد، وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يلبس كما يلبس الناس ولا يتميز عليهم؛ حتى إن الداخل إلى مسجده المبارك كان يسأل: أيكم رسول الله؟ فبنى له الصحابة دكاناً ـ أي مكاناً مرتفعاً ـ يجلس عليه صلوات الله وسلامه عليه، وقد ذكر أبو عبد الله بن القيم رحمه الله في (زاد المعاد) ملابس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كانت له عمامة تسمى السحاب، كساها علياً، وكان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة، وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة، وكان إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه كما رواه مسلم في صحيحه عن عمرو بن حريث قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه. وفي مسلم أيضاً عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء، ولم يذكر في حديث جابر ذؤابة؛ فدل على أن الذؤابة لم يكن دائماً بين كتفيه….إلى أن قال: وليس القميص وكان أحب الثياب إليه، وكان كمه إلى الرسغ، ولبس الجبة والفروج، وهو شبه القباء والفرجية، ولبس القباء أيضاً، ولبس في السفر جبة ضيقة الكمين، ولبس الإزار والرداء….إلى أن قال: ولبس حلة حمراء، والحلة إزار ورداء، ولا تكون الحلة إلا اسماً للثوبين معاً، وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتاً لا يخالطها غيره، وإنما الحلة الحمراء بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود كسائر البرود اليمانية….إلى أن قال: ولبس الخميصة المعلمة والساذجة، ولبس ثوباً أسود، ولبس الفروة المكفوفة بالسندس…إلى أن قال: وكان له بردان أخضران وكساء أسود وكساء أحمر ملبد، وكساء من شعر، وكان قميصه من قطن، وكان قصير الطول قصير الكمين…قال: وكان أحب الثياب إليه القميص والحبرة وهي ضرب من البرود فيه حمرة، وكان أحب الألوان إليه البياض، وقال: هي من خير ثيابكم فالبسوها وكفنوا فيها موتاكم….قال: وكان غالب ما يلبس هو وأصحابه ما نسج من القطن، وربما لبسوا ما نسج من الصوف والكتان…قال: والصواب أن أفضل الطرق طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سنها وأمر بها، ورغب فيها وداوم عليها، وهي أن هديه في اللباس أن يلبس ما تيسر من اللباس من الصوف تارة والقطن تارة والكتان تارة.ا.هـ

وقد نقلت لك هذا الكلام بطوله حتى تعلم أنه ليس ثمة لباس يمكن أن يقال إنه سنة وما عداه فليس بسنة، فليست العمامة سنة ولا الغترة سنة، بل على المرء أن يلبس ما جرت به عادة الناس في بلده، ولا يتميز عليهم، والله تعالى أعلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى