تأجير المنازل للأمم المتحدة
ظهرت في الحي الذي أسكن فيه ظاهرة تأجير المباني والعقارات من بيوت ومخازن لهيئة الأمم المتحدة حيث يبذلون في ذلك أموالاً طائلة ويؤجرونها بأكثر من سعر المثل أضعافاً مضاعفة، وقد سارع الناس إلى الاستجابة لتلك العروض بتأجير منازلهم ومخازنهم، نرجو بيان حكم الشرع في ذلك.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالحكم على عملٍ مّا بالحلِّ أو الحرمة يتوقف على معرفة ماهية ذلك العمل، وهل يندرج تحت التعاون على البر والتقوى أم التعاون على الإثم والعدوان؟ وها هنا أسئلة تستطيعين من خلال الجواب عنها معرفة حكم تأجير المنازل والمخازن لتلك الهيئة: هل الأمم المتحدة تنتصر لقضايا المسلمين أم العكس؟ هل هي في أحكامها ونظمها تخضع لما أنزل الله أم العكس؟ هل الغلبة فيها للإسلام وأهله أم العكس؟ هل قراراتها تصدر وفق معايير العدل والإنصاف أم أنه يتحكم فيها بعض الدول القوية؟ هل جاءت لهذه البلاد انتصاراً للضعفاء والمساكين ورفع الظلم عنهم كما يدَّعون أم جاءت لممارسة أنشطة جاسوسية وإملاء سياسات معينة؟ هل وجودهم الآن في دارفور أو غيرها ينصبُّ في مصلحة المسلمين أم العكس؟ هل دخلت هذه المنظمة بإذن أهل البلاد ورضاهم ـ حكاماً ومحكومين ـ أم أنه أمر فُرض علينا استغلالاً لضعفنا وقوتهم؟
ولا شك أن المنصف يعلم يقيناً أن هذه المنظمة يقوم عليها مجموعة من اليهود والنصارى والملاحدة وأنها ما انتصرت لقضية واحدة من قضايا المسلمين، بل كانت حرباً على الإسلام وأهله داعمة للحركات الصليبية الانفصالية في تيمور الشرقية وغيرها، وبالمقابل أبيد المسلمون تحت سمعها وبصرها في البوسنة والهرسك وكوسوفا وجنين وتركستان الشرقية والشيشان والعراق وأفغانستان، ومُنع المسلمون في كشمير وغيرها من حقوقهم التي أقرتها تلك الهيئة منذ خمسين سنة أو تزيد، ولم تحرك ساكناً لأن المتضررين هم المسلمون، وعليه نقول: إن تأجير المنازل أو المخازن أو السيارات لهؤلاء إنما هو من باب التعاون على الإثم والعدوان وخذلان المسلمين، ولو أن قائلاً قال: إن لم أؤجر أنا فسيؤجر غيري!! نقول: )كل امرئ بما كسب رهين( ولا يكن أحدكم إمعة يقول: إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت. والواجب على المسلم أن يعمل لدنياه وآخرته {ومن كانت الدنيا همه شتت الله عليه شمله وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له، ومن كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع عليه شمله وأتته الدنيا وهي راغمة}رواه الترمذي وابن ماجه، ولو وضع المسلم نصب عينيه أنه قد يموت الليلة أو غداً لهانت عليه الدنيا وتحرَّى الحلال في مطعمه ومشربه ومكسبه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب؛ فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم} رواه ابن ماجه
وقد يقول آخر: أنا أنفق من هذا المال المكتسب من تلك الإجارات في أبواب الخير. فنقول له: {إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا} فلا بد من حل الوسيلة التي يكتسب بها المال حتى تقع نفقتك بموقع القبول عند الله تعالى، نسأل الله الهداية للجميع وأن يحقن دماء المسلمين.