لم يخرج الزكاة لمدة طويلة
إنني لم أدفع الزكاة منذ مدة طويلة وعند حسابها الآن وجد أنها مبلغ كبير يوازي نصف ما أملكه في البلد الآن؛ فهل أستطيع إخراجه على دفعات؟ أم يلزمني إخراجه دفعة واحدة؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل أستطيع إخراج هذه الزكاة لأولادي حيث إن أباهم لا يستطيع تلبية متطلبات الحياة كلها لهم، وهم يريدون أن يستكملوا دراستهم وبناتي أيضاً هل لي إخراج الزكاة لهم في تعليمهم أو زواجهم؟ أفيدوني أفادكم الله.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فالزكاة فرض من فرائض الإسلام وركن من أركانه العظام، وقد تظاهرت على ذلك أدلة الكتاب والسنة وإجماع الأمة، ومن وجبت عليه الزكاة وقدر على إخراجها لم يجز له تأخيرها؛ لأنه حق يجب صرفه إلى الآدمي توجهت المطالبة بالدفع إليه فلم يجز له التأخير كالوديعة إذا طالب بها صاحبها؛ فهي واجبة على الفور في قول جماهير العلماء؛ حتى قال أهل العلم: إنه لو مات وجب على ورثته إخراجها من ماله قبل قسمة التركة، ولو أتت عليه كله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم “فدين الله أحق أن يقضى” فالواجب عليك ـ والحال ما ذكرت ـ أن تتوب إلى الله تعالى من تأخيرك حقه جل جلاله في مالك، وأن تبادر إلى إخراج ما وجب عليك في مالك خلال السنوات التي مضت دفعة واحدة، ولو أتى ذلك على مالك كله؛ حذراً من الدخول في الوعيد القرآني {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}
واعلم أنه لا يجوز دفع الزكاة للولد ـ ذكراً كان أو أنثى ـ وذلك لعلتين: أحداهما أنه غني بنفقته، والثانية أنه بالدفع إليه يجلب إلى نفسه نفعاً، وهو منع وجوب النفقة عليه، والذي أنصحك به أيها الأخ السائل أن تتقي الله في نفسك وأن تعلم أنه لا ينفعك يوم القيامة والد ولا ولد إن منعت حق الله في مالك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار” رواه مسلم