تفسير

العلة في إفراد الأرض وجمع السماوات

يقول الله تعالى في آيات كثيرة منها {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض} فلماذا لم يذكر الله تعالى السموات بالجمع؟ ولم يذكر الأرض إلا مفردة كأنها أرض واحدة، والله تعالى يقول في سورة التغابن {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} أي أن السموات السبع مثلهن الأرضين السبع. أفتوانا مأجورين.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فالآية التي ذكرتها {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن} هي في سورة الطلاق لا التغابن، وقول الجمهور في تفسيرها أن المثلية فيها مثلية عدد لا صفة؛ وأنها سبع أرضين طباقاً بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والسماء، وفي كل أرض سكان من خلق الله؛ لما ثبت في الصحيحين من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين} وفي الحديث الآخر {ما السموات السبع وما فيهن وما بينهن، والأرضون السبع وما فيهن وما بينهم، في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة} رواه ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه وصححه. قال الحافظ ابن حجر: وأخرجه سعيد بن منصور في التفسير عن مجاهد بإسناد صحيح عنه.ا.هـ  وروى ابن حبان من حديث صهيب رضي الله عنه أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها {اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما أذرين إنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ونعود بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها} وما رواه النسائي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { لو أن السموات  السبع وعامرهن، والأرضين السبع جعلن في كفة، ولا إله إلا الله في كفة؛ لمالت بهن لا إله إلا الله}

أما جمع السموات وإفراد الأرض فلعله ـ كما قال بعض المفسرين ـ أن سعة الأرض بالنسبة إلى السموات كحصاة في صحراء، فالأرض ـ وإن تعددت ـ كالواحدة بالنسبة للسموات، فاختير لها اسم الجنس، وقيل: إن المقصود بالأرض السفل والتحت لا ذات الأرض، وهم السفل والتحت مما لا يجمع لفظه، والعلم عند الله تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى