الفتاوى

  • حكم برمجة أجهزة التلفزيون والقنوات

    هل إذا قمت بتركيب جهاز لاقط في بيتي، وبرمجت فيه قنوات لا فيها غناء بموسيقي أو مخالفات شرعية، فهل بعد مماتي إذا قام أهل بيتي ببرمجة باقي القنوات المخالفة أكون مسئولا عن ذلك أمام الله تعالى؟ وبماذا تنصحني أحسن الله إليك.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالقرآن الكريم ناطق بأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، والسنة النبوية قاضية بأنه لا يجني ولد على والد؛ وعليه فإن الأب إذا اجتهد في تربية أهله وأولاده على الدين، وتنشئتهم على الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وجنَّبهم ما استطاع وسائل الفساد والإفساد؛ فلا إثم عليه بعدها إن حصل شيء مما يكرهه الله عز وجل من الكفر أو الفسوق أو العصيان، مثلما كان من نبي الله نوح عليه السلام فإنه دعا ولده إلى الله وأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر، وكان آخر ذلك أن ناداه ((يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين)) فلما أصر الولد على الكفر نزلت به العقوبة وأنجى الله نوحاً ومن معه من المؤمنين، والحمد لله رب العالمين.

  • أسلم وجسده عليه وشم

    ما الحكم في إسلام رجل أجنبي كان يضع وشماً على جسده؛ وماذا عليه أن يفعل؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالوشم محرم؛ لأنه من تغيير خلق الله، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة؛ لكن هذا الرجل فعل ذلك في أيام جاهليته، والإسلام يجب ما قبله؛ فإن أمكنه إزالة هذا الوشم دون ضرر بليغ يقع عليه، فالواجب عليه إزالته، وإلا فلا لأن الضرر لا يزال بمثله، والله تعالى أعلم.

  • زنا بامرأة متزوجة فحملت منه

    زنا صديقي بامرأة متزوجة وحملت منه وأنجبت بنتاً، وزوجها لا يعلم بأنها ليست ابنته وهي الآن فى عامها الثالث؛ مع العلم بأنها قد تاب توبة نصوحا وقطع علاقته معها تماماً؛ وهذا الأمر قد غيَّره لإنسان جديد كلياً ولكن بقي هذا الذنب يقتله ويعذبه كثيرا.. السؤال: هل يخبر زوجها بهذا الأمر؟ وهل له توبة؟ وما هي كفارته؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالزنا كله حرام، لكن بعضه أشد حرمة من بعض؛ فمن زنا بامرأة متزوجة فهو أعظم عند الله إثماً ممن زنا بامرأة لا زوج لها؛ لأن الزنا يتضاعف إثمه بتضاعف المفسدة التي تترتب عليه؛ فمن زنا بمتزوجة فقد أفسدها على زوجها ودنس فراشه وأدخل عليه من ليس منه؛ مع ما في ذلك من الخيانة والإثم، لكن ما دام صاحبك قد تاب فإن الله تعالى يتوب على من تاب، وقد قال في الكفر الذي هو أعظم من الزنا {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} فالحمد لله الذي وفقه لتوبة نصوح، وما ينبغي له إخبار الزوج بما كان؛ لأنه ليس في ذلك مصلحة البتة، بل يستتر بستر الله عز وجل، ولأن في إخبار الزوج بما كان تنغيص لعيشه وتكدير لصفوه، وفيه فضيحة تلك المرأة وتشتيت الأسرة؛ مع ما في ذلك من المخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم “من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله”.

    وهذه البنت تنسب للزوج لأنه صاحب الفراش، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “الولد للفراش وللعاهر الحجر” أما المرأة فإنها إن تابت تاب الله عليها، وإلا فهي متوعدة بقوله صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِى شَىْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وضعَّفه الألباني والأرناؤوط

  • التعامل مع الفتيات في العمل

    ما حدود التحدث مع الفتيات في العمل؟ علماً بأني شاب؛ وفي أوقات معينة يتطلب العمل المخالطة؛ فما هي الحدود؟ فأنا أتعامل مع الناس دائما بالابتسامة والضحك، ونيتي لا تحمل أي شيء تجاه أحد، فقط أحب أن أكون حلو المعشر يحب الناس التعامل معه، ونيتي يحاسبني الله عليها؛ فهو أعلم بي منها. أرجو الرد لأني غير راض عن نفسي في التعامل المغلق تماماً، وعن نظرة البعض لي بأني لست حلو التعامل، إلا أني لا أرضى إلا ما يرضاه الله لي.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فمما ينبغي أن يُعلم ابتداء أن الاختلاط الحاصل في مؤسسات العمل وقاعات الدرس مما لا يرضاه الله تعالى، وهو مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي فصل بين الرجال والنساء في أطهر البقاع وهي المساجد؛ فكان للرجال صفوف وللنساء صفوف، وللرجال باب وللنساء باب، وقال {خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها} وقال {لو تركتم هذا الباب للنساء} وفي مجالسه المباركة عليه الصلاة والسلام كان النساء يجلسن خلف الرجال ويطرحن أسئلتهن، دون أن تحصل مخالطة أو ملابسة؛ بل أمر عليه الصلاة والسلام النساء بألا يزاحمن الرجال في الطرقات؛ فقال لهن {تنحين، عليكن بحواف الطريق} وهذا كله سعياً لسلامة القلوب وطهارة الأعراض.

    لكن مع هذا أقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحسن التعامل مع النساء، وهو خير الناس خلقاً عليه الصلاة والسلام فيتكلم معهن متى ما دعت لذلك حاجة، ويلقي عليهن السلام {مرحباً بأم هانئ} ويقضي حوائجهن {انظري يا أم فلان أيَّ طرق المدينة شئت أذهب معك حتى أقضي حاجتك} وهكذا ينبغي لك أن تنزل كل مسلمة منزلة أختك من نفسك؛ وانظر ما تحب من الناس أن يأتوه إلى أختك فافعله مع بنات المسلمين، وليس من لوازم التزام حدود الله أن تكون عبوس الوجه مقطب الجبين؛ بل لا مانع من الكلام لحاجة مع طلاقة الوجه وحُسن اللفظ؛ قال تعالى ((وقولوا للناس حسنا)) واحرص عافاك الله على البعد عن مواطن الريبة، وإياك والتوسع في المباح لأنه قنطرة إلى الحرام، والله الموفق والمستعان.

  • ما معنى تجديد الدين؟

    السلام عليكم ورحمة الله. ما معنى الحديث عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يبعث كل مائة عام رجل يجدد للناس دينهم بالتفصيل الممل؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

    فالحديث رواه أبو داود والحاكم في المستدرك وابن عدي في الكامل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»

    والبعث المذكور أنه يكون على رأس المائة هو الإثارة والإرسال، فيكون المعنى – كما قال المناوي في فيض القدير – (إن الله يقيض لهذه الأمة على رأس المائة مجدداً، أي: أنّ هذا المجدد يتصدى في رأس المائة لنفع الأنام، وينتصب لنشر الأحكام) 

    أما المقصود بـ (الرأس) في قوله صلى الله عليه وسلم: «على رأس كل مائة سنة»، فقد قال بعضهم: يعني في أولها، وقال آخرون: بل في آخرها

    والتجديد يعني جعل الشيء جديداً، فتجديد الدين يعني إعادة نضارته ورونقه وبهائه وإحياء ما اندرس من سننه ومعالمه، ونشره بين الناس.

    وهذا اللفظ (التجديد) يؤكد أن التجديد الموعود لابد أن يكون على حين فترة من العلماء، واضمحلال لشأن أهل الحق وحملة السنة، فيبعث الله هؤلاء المجدّدين ليعيدوا للناس الثقة بدينهم، ويعلموهم ما جهلوا من شأنه. فليس معنى الحديث أن التجديد إضافة شيء جديدٍ إلى الدين، كما أنه لا يعني بحالٍ من الأحوال اقتطاع شيء منه ونبذه. فهذا وذاك ليسا في الحقيقة تجديداً، وإنما هو مسخٌ وتجريد.

    فأما لفظ «مَنْ» فإنه يطلق على المفرد وعلى الجماعة – من حيث اللفظ -، ومن حيث المراد بها في الحديث قال بعضهم: المقصود بها فردٌ، وحملوا «مَنْ» في هذه الرواية على لفظ (رجل)، أو (عالم) كما جاء في بعض الروايات، وقد اختار هذا الرأي عدد من العلماء، ونسبه السيوطي إلى الجمهور فقال: وكونه فرداً هو المشهور قد نطق الحديث والجمهور. ونسبه غيره إلى (العلماء). واختار آخرون العموم، منهم: الحافظ ابن حجر، وابن الأثير، والذهبي، والمناوي، والعظيم آبادي، وغيرهم.

    ومما يدل على أن المراد العموم وليس شخصاً بعينه؛ قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله»

    وقد قال الإمام البخاري في ترجمته على الحديث: (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، وهم أهل العلم)

    قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: (ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين؛ منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدثون، ومنهم زهّاد، وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض) ونقل ابن حجر كلام النووي ثم زاد في آخره: (ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد، وأن يكونوا في بعضٍ منه دون بعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولاً فأولاً، إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله.ا.ه

    يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بعد سياق الخلاف في المجدّد: أفرد أم جماعة؟: (ولكنّ الذي يتعين فيمن تأخر المحملُ على أكثر من الواحد؛ لأن في الحديث إشارة إلى أن المجدّد المذكور يكون تجديده عاماً في جميع أهل ذلك العصر، وهذا ممكنٌ في حقّ عمر بن عبد العزيز جداً، ثم في حق الشافعي. أما من جاء بعد ذلك، فلا يعدم من يشاركه في ذلك).

    وقال: (لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحدٌ فقط؛ بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة، وهو متجهٌ؛ فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوعٍ من أنواع الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدَّعي ذلك في عمر بن عبد العزيز فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير، وتقدمه فيها؛ ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه. وأما من جاء بعده؛ فالشافعي – وإن كان متصفاً بالصفات الجميلة – إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد، والحكم بالعدل. فلعل هذا كل من كان متصفاً بشيءٍ من ذلك عند رأس المائة هو المراد؛ سواء تعدَّد أم لا)

    وقال الإمام الذهبي: (من – هنا – للجمع، لا للمفرد، فنقول مثلاً: على رأس الثلاثمائة: ابن سُريجٍ في الفقه والأشعري في الأصول، والنسائي في الحديث… الخ)

    وهذا المجدد أو أولئك المجددون من صفاتهم إدراك واع لحال هذه الأمة وما تعانيه، ثم إرادة مصممة على التغيير، ثم إمضاء هذه الإرادة وتحقيق عملي لها.

    ومن تتبع مسيرة هؤلاء المجددين – جزاهم الله خيرا – يجد بعضهم قد برع في تجديد الدين في أبواب الحكم والجهاد كعمر بن عبد العزيز، وبعضهم في نشر العلم وتبويبه وترتيبه كالشافعي، وبعضهم قد برع في رد الأمة إلى الجادة على حين ضياع وتيه كما فعل نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي، وبعضهم في رد الناس إلى السنة على حين غربة منها كما فعل أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وهكذا جزاهم الله جميعاً خير الجزاء عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

  • حكم فرقعة الأصابع

    هل طرقعة الأصابع حلال أم حرام؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فقد ذهبَ بعضُ العلماءِ إلى كراهةِ فَرْقَعَة الأَصَابِعِ في المسجد، وخصَّه بعضُهم بالصلاة، كما قال ابن قدامة: “يُكرَه فرقعةُ الأصابع في الصلاة” [المغني 3/123]، وقال صاحب المدونة: “سَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ أَنْ يُفَرْقِعَ الرَّجُلُ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلاةِ” [المدونة 1/261]؛ وذلك لأنَّ فَرْقَعَةَ الأصابعِ في الصلاةِ علامةٌ على غيابِ الخشوع؛ وإذا خشعَ القلبُ خشَعت الجوارح، وأما حديثُ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ {لا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ}، فهو مَعْلُولٌ بِالْحَارِثِ الأعور، كما أفادَه الزيلعي رحمه الله في [نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية 3/102]. فالأوْلَى تركُ فَرْقَعَةِ الأصابِعِ في الصلاةِ؛ لِمُنافاةِ الخشوع وتركُها في المسجدِ إنْ خشِيَ التشوِيشَ على غيرِه.

    وقد ثبتَ في السُّنة جوازُ العملِ القليلِ في الصلاةِ عند الحاجة إليه، وقد ترجَمَ البخاري رحمه الله باب (إِذَا كُلِّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَاسْتَمَعَ) وباب (الإِشَارَةِ فِي الصَّلاةِ) وروى عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ تُصَلِّي قَائِمَةً وَالنَّاسُ قِيَامٌ فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَقَالَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ).. وقد روى البخاري في بَاب (مَا يَجُوزُ مِنْ الْعَمَلِ فِي الصَّلاةِ) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (كُنْتُ أَمُدُّ رِجْلِي فِي قِبْلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَرَفَعْتُهَا فَإِذَا قَامَ مَدَدْتُهَا). وقد رفع الصِّدِّيقُ رضي الله عنه يديه في الصلاة كما روى البخاري في بَاب (رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ لِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ) حين أمَرَه النبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ {فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَدَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى لِلنَّاسِ). والله تعالى أعلم.

  • قراءة الفاتحة وسورة بعدها في الجماعة

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى بركاته؛ فى الصلاة السرية مع الجماعة فى بعض الأحيان أقرأ الفاتحة وسورة أخرى … ما حكم ذلك؟! وفى الصلاة الجهرية أجد نفسى أتابع الإمام فيما يقرأ بترديد بعض الآيات، أرجو الإفادة؟!

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فإن كان مراد السائل أنه يقرأ بعد الفاتحة سورة في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر فهذه هي السنة؛ وإن كان مراده أنه يقرأ بسورة بعد الفاتحة في الأخيرتين من الظهر والعصر فقد خالف السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يقرأ فيهما بغير الفاتحة، لكن صلاته صحيحة؛ بدليل ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة آلم السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر، على قدر قيامه في الأخريين من الظهر، وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك. قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام:  وفيه دلالة على قراءة غير الفاتحة معها في الأخريين.ا.هــــــــــــــــــــ

    وأما في الصلا ة الجهرية فالواجب عليك الإنصات للإمام فيما يقرأ ولا تردد وراءه شيئاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا” رواه الخمسة إلا الترمذي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله. قال: فإني أقول ما لي أنازع القرآن؟ قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الصلوات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.  رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن. وعن عبادة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: “إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم؟” قال: قلنا يا رسول الله أي والله. قال: “لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها” رواه أبو داود والترمذي. وفي لفظ: “فلا تقرؤوا بشيء من القرآن إذا جهرت به إلا بأم القرآن” رواه أبو داود والنسائي والدارقطني وقال: كلهم ثقات. والله تعالى أعلم.

  • كيفية التوبة

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، أريد معرفة كيفية التوبة؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فليس للتوبة ساعة محدودة أو زمان معين، بل تصح في أي ساعة من ليل أو نهار؛ لأن الله تعالى فتح أبوابها، وهو سبحانه يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار حتى تطلع الشمس من مغربها؛ وإن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، والكيفية المسنونة للتوبة أن يصلي الإنسان ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، ثم يستغفر الله تعالى من الذنب الذي كان، بمراعاة شروط:

    أولها: أن تكون توبته خالصة لله تعالى؛ لا خوفاً من الناس ولا رياء لهم

    ثانيها: أن يتبعها إقلاع عن المعصية؛ فلا تصح التوبة مع الإقامة على الذنب

    ثالثها: أن يصحبها ندم على ما فات

    رابعها: أن يعزم التائب على ألا يعاود الذنب وإن تيسرت أسبابه

    خامسها: أن يرد الحقوق إلى أهلها

    والله المسئول أن يتوب علينا جميعاً ويهدينا سبل السلام ويخرجنا من الظلمات إلى النور

  • أريد حفظ القرآن وطلب العلم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حامداً ومصلياً ومسلِّما: أما بعد حياك الله فضيلة الشيخ عبد الحي يوسف؛ سائلاً الله عز وجل أن يمد في عمرك ويزيدك من علمه ويجعل الجنة مثواك؛ وحيا الله كل الإخوة العاملين في منظمة المشكاة الإسلامية وأسأل الله لهم كل خير؛ وأشهد الله أنني أحبكم في الله وأسأل الله أن يجمعني بكم وأن أتتلمذ على أيديكم؛ وإن غير ذلك أسأله أن يجمعنا بكم فى الجنة آمين،  أرشدني بارك الله فيك كيف يمكنني أن ألبس والديَّ تاجاً يوم القيامة (أي كيف أحفظ القرآن الكريم) رغم أن العزيمة والهمة موجودة لكن سرعان ما أتعسر عند البدء وسرعان ما تهب عليَّ رياح اليأس!! وسرعان ما تبوء جميع محاولاتي بالفشل، وتنفتح عليَّ الدنيا وتكثر عليَّ المشاغل (الدعاء زمام أمري والصلاة راحتي والليل مهجتي والصبر عزيمتي) لكن والله أحب أن أشعر كما تشعرون أريد التأدب بذاك الخُلق العظيم، فإن لحامل القرآن لحلاوة.

    ثانياً: أريد كتباً يستفيد منها الإنسان ليتفقه في أمور دينه.

    ثالثاً: أمر يزعجني ويفرحني في نفس الوقت هناك أحلام مفزعة تزعجني وتفرحني لأن الله ربما جعل لي فيها الخير، أستعيذ بالله وأقرأ وأتحصن لكن لزمتني وكل فترة أراها في الصغر كانت أحلام مفزعة فأرى في المنام أنني أصبحت ضريراً وتتكرر تلك الاحلام أو الرؤية لكن اليوم أصبحت بنوع آخر لكن والحمد لله جعلتني أعتقد أن الله جعل لي فيها الخير، في الختام بارك الله فيكم جميعاً لكل جهد بذلتموه لترشيد العباد في أمور دينهم فكانت إذاعة طيبة وكانت فضائية طيبة وكان موقع المشكاة فجراً جديداً لنشر الدعوة وكانت منظمة المشكاة الإسلامية يداً للعون الإسلامي محلياً وإقليمياً.. وختام الختام بارك الله فيكم جميعاً…

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ وأحبك الله الذي أحببتني فيه، وشكر الله لك طيب ثنائك وحسن سؤالك، وختم لي ولك بالحسنى، أما بعد.

    فبداية أذكر نفسي وإياك بحكمة يقول صاحبها:

    لا يبلغ المجد إلا سيد فطن لما يشق على السادات فعال

    لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال

    وقول الآخر: لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا. ومرادي من إيراد هذه الكلمات تذكير نفسي والسائل الكريم بأن لطلب العلم مشقة؛ فلا بد له من بذل الجهد وتفريغ الوقت واستفراغ الوسع، مع الاستعانة بالله عز وجل واللجوء إليه وقرع أبوابه جل جلاله؛ وقد قيل للسيد الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: كيف بلغت ما بلغت من العلم؟ قال: بلسان سئول وقلب عقول، ذللت طالباً فعززت مطلوبا. وخير العلم كلام الله عز وجل ففيه خير الدنيا والآخرة، فاجتهد أحسن الله إليك في حفظ ما تيسر منه، ولعل الله يعينك على ختمه كله حفظاً واستظهارا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وقد كتب الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق حفظه الله قواعد ذهبية تعين على حفظ القرآن الكريم، خلاصتها:

    أولاً: وجوب إخلاص النية، وإصلاح القصد، وجعل حفظ القرآن والعناية به من أجل الله سبحانه وتعالى والفوز بجنته وحصول مرضاته، ونيل تلك الجوائز العظيمة لمن قرأ القرآن وحفظه؛ فلا أجر ولا ثواب لمن قرأ القرآن وحفظه رياء أو سمعة، ولا شك أن من قرأ القرآن مريداً الدنيا طالباً به الأجر الدنيوي فهو آثم.

    ثانياً: تصحيح النطق والقراءة، ولا يكون ذلك إلا بالسماع من قارئ مجيد أو حافظ متقن، والقرآن لا يؤخذ إلا بالتلقي، فقد أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفصح العرب لساناً من جبريل شفاهاً، وكذلك علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه شفاهاً

    ثالثاً: تحديد نسبة الحفظ كل يوم؛ فيجب على مريد حفظ القرآن أن يحدد ما يستطيع حفظه في اليوم: عدداً من الآيات مثلاً، أو صفحة أو صفحتين من المصحف أو ثمناً للجزء وهكذا، فيبدأ بعد تحديد مقدار حفظه وتصحيح قراءته بالتكرار والترداد، ويجب أن يكون هذا التكرار مع التغني، وذلك لدفع السآمة أولاً، وليثبت الحفظ ثانياً. وذلك أن التغني بإيقاع محبب إلى السمع يساعد على الحفظ، ويعوِّد اللسان على نغمة معينة فتتعرف بذلك على الخطأ رأساً عندما يختل وزن القراءة والنغمة المعتادة للآية، فيشعر القارئ أن لسانه لا يطاوعه عند الخطأ، وأن النغمة اختلت فيعاود التذكر

    رابعاً: لا تجاوز مقررك اليومي حتى تجيد حفظه تماماً، ولا شك إن ما يعين على حفظ المقرر أن يجعله الحافظ شغله طيلة ساعات النهار والليل، وذلك بقراءته في الصلاة السرية، وإن كان إماماً ففي الجهرية، وكذلك في النوافل، وكذلك في أوقات انتظار الصلوات، وفي ختام الصلاة، وبهذه الطريقة يسهل الحفظ جداً ويستطيع كل أحد أن يمارسه ولو كان مشغولاً بأشغال كثيرة لأنه لن يجلس وقتاً مخصوصاً لحفظ الآيات وإنما يكفي فقط تصحيح القراءة على القارئ، ثم مزاولة الحفظ في أوقات الصلوات، وفي القراءة في النوافل والفرائض وبذلك لا يأتي الليل إلا وتكون الآيات المقرر حفظها قد ثبتت تماماً في الذهن

    خامساً: حافظ على رسم واحد لمصحف حفظك، وذلك بأن يجعل الحافظ لنفسه مصحفاً خاصاً لا يغيره مطلقاً وذلك أن الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ بالسمع، وذلك أن صور الآيات ومواضعها في المصحف تنطبع في الذهن مع كثرة القراءة والنظر في المصحف

    سادساً: الفهم طريق الحفظ؛ فمن أعظم ما يعين على الحفظ فهم الآيات المحفوظة ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض.

    ولذلك يجب على الحافظ أن يقرأ تفسيراً للآيات التي يريد حفظها، وأن يعلم وجه ارتباط بعضها ببعض، وأن يكون حاضر الذهن عند القراءة وذلك لتسهل عليه استذكار الآيات

    سابعاً: لا تجاوز سورة حتى تربط أولها بآخرها

    ثامناً: التسميع الدائم؛ يجب على الحافظ ألا يعتمد على حفظه بمفرده، بل يجب أن يعرض حفظه دائماً على حافظ آخر، أو متابع في المصحف، حبذا لو كان هذا مع حافظ متقن، وذلك حتى ينبه الحافظ بما يمكن أن يدخل في القراءة من خطأ، وما يمكن أن يكون مريد الحفظ قد نسيه من القراءة وردده دون وعي، فكثير ما يحفظ الفرد منا السورة خطأ، ولا ينتبه لذلك حتى مع النظر في المصحف لأن القراءة كثيراً ما تسبق النظر

    تاسعاً: المتابعة الدائمة؛ يختلف القرآن في الحفظ عن أي محفوظ آخر من الشعر أو النثر، وذلك أن القرآن سريع الهروب من الذهن، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها» متفق عليه. ولذلك فلا بد من المتابعة الدائمة والسهر الدائم على المحفوظ من القرآن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت» متفق عليه.

    عاشراً: العناية بالمتشابهات؛ فإن القرآن متشابه في معانيه وألفاظه وآياته. قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}. وإذا كان القرآن فيه نحواً من ستة آلاف آية ونيف فإن هناك نحواً من ألفي آية فيها تشابه بوجه ما قد يصل أحياناً حد التطابق أو الاختلاف في حرف واحد، أو كلمة واحدة أو اثنتين أو أكثر. لذلك يجب على قارئ القرآن المجيد أن يعتني عناية خاصة بالمتشابهات من الآيات، ونعني بالتشابه هنا التشابه اللفظي، وعلى مدى العناية بهذا المتشابه تكون إجادة الحفظ، ويمكن الاستعانة على ذلك بكثرة الاطلاع في الكتب التي اهتمت بهذا النوع من الآيات المتشابهة ومن اشهرها:

    1) درة التنزيل وغرة التأويل – بيان الآيات المتشابهات في كتاب الله العزيز – للخطيب الإسكافي.

    2) أسرار التكرار في القرآن – لمحمود بن حمزة بن نصر الكرماني.

    وأما الكتب فإني أوصيك في التفسير بكتاب الشيخ السعدي (تيسير الكريم الرحمن) وفي الفقه بكتاب الشيخ سيد سابق (فقه السنة) وفي السيرة بكتاب صفي الدين المباركفوري (الرحيق المختوم) وفي الحديث بكتاب الإمام النووي (رياض الصالحين) وفي التراجم بكتاب خالد محمد خالد (رجال حول الرسول) والله الموفق والمستعان.

  • حكم تسمية المولود بإسم المعز

    هل يمكن تسمية المولود الذكر باسم “المعز”؟ وهل اسم “المعز” من أسماء الله الحسني؟ أم هو من الأسماء التسع وعشرون التي لم تثبت أو توافق شروط الإحصاء؟ بارك الله فيكم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج في التسمية باسم المعز؛ تفاؤلاً بأن يكون معزاً لمن أمر الله بإعزازه من الكتاب والسنة وعباد الله المؤمنين، ولم يرد اسم المعز كاسم لله عز وجل إلا في حديث الترمذي الذي يرويه الترمذي وأكثر أهل العلم على تضعيفه؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “إن التسعة والتسعين اسمًا لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب بن أبي حمزة. وحفاظ أهل الحديث يقولون: هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث.ا.هــــــــــــ

    ولو ثبت أن هذا من أسماء الله الحسنى فإن الاشتراك يحصل؛ كما في أسماء أخرى كالحي والرحيم والرؤوف وغيرها؛ لكن الاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك في المعنى بكل وجه من الوجوه، والعلم عند الله تعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى