ما الرد على من يقول أن ما قامت به قوات الدعم السريع من سرقة باسم الغنائم واختطاف للنساء باسم السبي، يشبه ما يحدث في الجهاد الإسلامي من سبي و أخذ للغنائم و يرى أن الفرق فقط أن من استهدفهم الدعم السريع مسلمون ومن يستهدفم الجهاد الإسلامي غير مسلمين ولكنهم أبرياء أيضا لأن السبي في الجهاد إذا فتحت البلاد يكون ضد المقاتلين وغير المقاتلين مما لا ذنب لهم غير أن حاكم بلادهم لم يقبل بالدخول للإسلام و لم يقبل بدفع الجزية. وسؤال آخر في الجهاد هل تسبى المتزوجة؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فإن قائل هذا الكلام إما أن يكون جاهلاً جهلاً مطبقاً مركبا؛ يحمله جهله على التظاهر بالعلم وهو منه خلو، وإما أن يكون ملحداً يروم الاستهزاء بشرع الله والتسوية بينه وبين أفعال المحادين لله ورسوله من السُّرّاق وقُطّاع الطرق المنتهكين للحرمات، ولبيان ذلك أقول:
أولاً: شتان شتان بين غاية الجهاد في سبيل الله، والتي هي إعلاء كلمته ونشر دينه وهداية الناس، كما قال ربنا جل جلاله {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} وبين غاية القوات المتمردة من التمكين لشخص قائدهم من حكم البلاد، ولعائلته من التحكم في مصائر أهلها، بمحاولة فرض اتفاق سموه (الإطاري) ينفذون به غايات دولية وإقليمية في مسخ هوية أهل هذه البلاد وطمس معالم دينهم وانتهاب ثرواتهم
ثانياً: شتان شتان بين جهاد يشترك فيه المسلمون على اختلاف أعراقهم وقبائلهم وألوانهم، وبين قتال هؤلاء المتمردين القائم على روح قبلية ونعرة عنصرية وشعور كاذب بالتفوق والنقاء، مخالفين قول ربنا جل جلاله {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وقول نبينا صلى الله عليه وسلم (لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأحمر على أسود إلا بتقوى الله عز وجل)
ثالثاً: شتان شتان بين جهاد إسلامي لم يشرع لسفك الدماء ولا لقتل الأنفس ولا لتخريب العامر، بل هديه في التوجيه للقادة (لا تقتلن شيخاً كبيرا، ولا طفلاً وليداً، ولا امرأة، ولا تعقرن بعيراً لمأكلة، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً) وبين قتال شرع مشعلوه في إهلاك الحرث والنسل وإحراق المحاكم والمتاحف والوزارات والجامعات، وانتهاب الأموال وانتهاك الأعراض وإذلال الناس وزرع الرعب في أرجاء البلاد
رابعاً: أين وجد هذا القائل أن المسلمين كانوا يختطفون النساء؟ {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} إن الغنيمة ليست سرقة ولا اختطافاً بل هي لفظ شرعي شريف {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه…} وقال النبي صلى الله عليه وسلم (أحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي) وهي في الشرع: اسْمٌ لِلْمَأْخُوذِ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ الْمُوجَفِ عَلَيْهَا بِالْخَيْل وَالرِّكَابِ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ، وقد شُرِعَ الْقِتَال فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى لإِعْلاَءِ دِينِ الْحَقِّ وَكَسْرِ شَوْكَةِ الأْعْدَاءِ. وَالأْصْل أَنَّ مَنْ لَمْ يُشَارِكْ فِي الْقِتَال فَلاَ يُقْتَل، وَلِذَلِكَ يُمْنَعُ التَّعَرُّضُ لِلنِّسَاءِ وَالأْطْفَال وَأَمْثَالِهِمْ مِنَ الْعَجَزَةِ الَّذِينَ لاَ يُشَارِكُونَ فِي الْقِتَال لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْل النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلاَ طِفْلاً وَلاَ امْرَأَةً. رواه أبو داود من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وقد كانت الغنيمة فيما مضى لأن المقاتل كان يجهز نفسه؛ في فرسه وسلاحه وزاده، أما اليوم فقد صارت الجيوش تدار من قبل الدول إعداداً وإمداداً وتمويلاً وتسليحاً، وليس للأفراد من ذلك شيء
خامساً: ليس للاسترقاق والسبي في شريعة الإسلام سوى سبب واحد وهو الكفر بالله عز وجل ومعارضة وصول الدعوة إلى الناس؛ فإن الإسلام لا يشرع ابتداء الناس بالقتال، وإنما دعوتهم إلى الله فمن استجاب فهو أخونا له ما لنا وعليه ما علينا، ومن أبى طُلب منه أن يترك الدعوة لتبلغ غيره؛ فإن أبى شرع قتاله لأنه عدو لله ورسوله؛ والقتال قد يترتب عليه قتله أو استرقاقه، أما قتله فهو مستحق له لكونه قد حمل سلاحه معارضاً أمر الله عز وجل صاداً عن سبيله، وأما استرقاقه فكما يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: وَلَوْ فَرَضْنَا – وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى – أَنَّ حُكُومَةً مِنْ هَذِهِ الْحُكُومَاتِ الَّتِي تُنْكِرُ الْمِلْكَ بِالرِّقِّ، وَتُشَنِّعُ فِي ذَلِكَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ قَامَ عَلَيْهَا رَجُلٌ مِنْ رَعَايَاهَا كَانَتْ تُغْدِقُ عَلَيْهِ النِّعَمَ، وَتُسْدِي إِلَيْهِ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ، وَدَبَّرَ عَلَيْهَا ثَوْرَةً شَدِيدَةً يُرِيدُ بِهَا إِسْقَاطَ حُكْمَهَا، وَعَدَمَ نُفُوذِ كَلِمَتِهَا، وَالْحَيْلُولَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا تُرِيدُهُ مِنْ تَنْفِيذِ أَنْظِمَتِهَا، الَّتِي يَظْهَرُ لَهَا أَنَّ بِهِمَا صَلَاحَ الْمُجْتَمَعِ، ثُمَّ قَدَرَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ مُقَاوَمَةٍ شَدِيدَةٍ فَإِنَّهَا تَقْتُلُهُ شَرَّ قِتْلَةٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ الْقَتْلَ يَسْلُبُهُ جَمِيعَ تَصَرُّفَاتِهِ وَجَمِيعَ مَنَافِعِهِ، فَهُوَ أَشَدُّ سَلْبًا لِتَصَرُّفَاتِ الْإِنْسَانِ وَمَنَافِعِهِ مِنَ الرِّقِّ بِمَرَاحِلَ، وَالْكَافِرُ قَامَ بِبَذْلِ كُلِّ مَا فِي وُسْعِهِ لِيَحُولَ دُونَ إِقَامَةِ نِظَامِ اللَّهِ الَّذِي شَرَعَهُ لِيَسِيرَ عَلَيْهِ خَلْقُهُ، فَيُنْشَرُ بِسَبَبِهِ فِي الْأَرْضِ الْأَمْنُ وَالطُّمَأْنِينَةُ، وَالرَّخَاءُ وَالْعَدَالَةُ، وَالْمُسَاوَاةُ فِي الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ، وَتَنْتَظِمُ بِهِ الْحَيَاةُ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ وَأَعْدَلِهَا وَأَسْمَاهَا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فَعَاقَبَهُ اللَّهُ هَذِهِ الْمُعَاقَبَةَ بِمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ، وَوَضْعُ دَرَجَتِهِ وَجَرِيمَتِهِ تَجْعَلُهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِذَلِكَ.ا.هـــ