الفتاوى

  • هل على المتمتع أضحية؟

    إذا نوى المسلم حج التمتع فهل عليه أن يذبح الأضحية في مكة المكرمة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فليس على المتمتع أضحية بل عليه هدي واجب يذبحه بمكة ويطعم منه فقراء الحرم ويسن له أن يأكل منه؛ لقوله تعالى {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} والنبي صلى الله عليه وسلم حج قارناً ـ على الراجح من أقوال أهل العلم ـ ولم يضحِ، ولو ضحى الحاج فلا حرج، وهو مخيَّر بين أن يذبحها في بلده أو في مكة، شريطة ألا يتعدى الوقت المشروع للأضحية، من بعد صلاة العيد إلى مغيب شمس ثالث أيام التشريق، قال النووي في المجموع: قال الشافعي: الأضحية سنة على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى وأهل السفر والحضر والحج بمنى وغيرهم من كان معه هدي ومن لم يكن معه هدي، والله تعالى أعلم.

  • يدعو عند قبر النبي!!

    فضيلة الشيخ: هناك من يدعو النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره فيقول: يا رسول الله أعطني كذا، ويقول: جئتك من مسافة بعيدة من بلد كذا فلا تخيب ظني فيك؟ وغيرها من هذه الأدعية التي يرجى بها جلب النفع ودفع الضر منه صلى الله عليه وسلم فما حكم ذلك؟ وما الحكم إذا قال: يا رسول الله ادع الله بأن أرزق بكذا أو نحوه؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالواجب على المسلم أن يلجأ إلى ربه جل جلاله بالدعاء، سواء في ذلك ما كان لجلب نفع أو ما كان لدفع ضر، لأن الدعاء عبادة والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى، قال سبحانه {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} وقال النبي صلى الله عليه وسلم {الدعاء هو العبادة} وعليه فإن المسلم الذي يقول: يا رسول الله أعطني كذا، قد أثم إثماً مبيناً، قد يصل به إلى الشرك بالله تعالى؛ وقد قال سبحانه مخاطباً المشركين الذين كانوا يدعون آلهتهم {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير} فسمى الله دعاء غيره شركاً، وعليه فإن الواجب نصح هؤلاء الجهال مع الترفق بهم وبيان الحق لهم، والله تعالى أعلم.

  • يطوف بقبر النبي!!

    فضيلة الشيخ: هناك من يطوف بقبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحرم النبوي فيخرج من باب ويدخل من باب آخر إلى أن يتم سبعة أشواط، ما حكم هذا العمل؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالطواف عبادة أمر بها ربنا جل جلاله في قوله سبحانه {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} وقال النبي صلى الله عليه وسلم {الطواف صلاة فإذا طفتم فأقلوا الكلام} رواه أحمد، ولا يجوز صرف هذه العبادة إلا للبيت الذي أمر الله تعالى بأن يطاف حوله، وقد قال جل جلاله مخاطباً خليله إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل {طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود} ومن طاف بغير البيت الحرام فهو آثم مبتدع ضال، والواجب نصحه وإقامة الحجة عليه وبيان أنه مضاد للنبي صلى الله عليه وسلم بفعله هذا وليس معظماً له كما يعتقد هو، والعلم عند الله تعالى.

  • حجّ ولم يزر الرسول

    هل صحيح أن من حج أو اعتمر ولم يزر الرسول صلى الله عليه وسلم فقد جفاه؟ وهل نسكه ناقص؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فنسك الحج تام إذا أتى الحاج بأركانه وواجباته كاملة، وأما زيارة النبي صلى الله عليه وسلم والسلام عليه فهي طاعة وقربة لله تعالى؛ لكن لا ارتباط لها بالحج، بل يمكن للمسلم أن يأتي بها متى ما يسر الله له ذلك، ولا يؤثر ذلك على صحة نسكه وتمامه.

    وأما الحديث الذي فيه {من حج ولم يزرني فقد جفاني} فقد نص أهل العلم بالحديث كالسخاوي في المقاصد الحسنة والعراقي في تخريج الإحياء والسيوطي في الدرر المنتثرة والعجلوني في كشف الخفاء وابن حجر في تخريج أحاديث مسند الفردوس على أنه ضعيف شديد الضعف لا تصح نسبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم عليه البعض ـ كالصغاني وابن الجوزي ـ بأنه موضوع مكذوب، والله تعالى أعلم.

  • يصلي أمام الإمام في الخيف

    فضيلة الشيخ: في منى يصلي من يحج بجانب مسجد الخيف في رحاله، وقد يكون بين الصفوف طريق للمارة فما حكم صلاتهم؟ وما حكم صلاة من يصلي أمام الإمام؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالمقرر عند أهل العلم أن المشقة تجلب التيسير، ولا يخفى عليك ما يكون في الحج من زحام وكثرة عدد، مما يلزم المفتي الفقيه أن ييسر على الناس ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وأما الصلاة وراء الإمام وبينه وبين المأمومين طريق للمارة فهي صلاة صحيحة؛ لما رواه أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: {كان لنا حصيرة نبسطها بالنهار، ونحتجز بها بالليل، فصلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فسمع المسلمون قراءته فصلوا بصلاته؛ فلما كانت الليلة الثانية كثروا فاطلع عليهم فقال: اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا} والشاهد من الحديث أنه كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين صلوا خلفه حائل، ومع ذلك لم ينههم أو يحكم ببطلان صلاتهم. قال الشوكاني رحمه الله تعالى: والحديث يدل على أن الحائل بين الإمام والمؤتمين غير مانع من صحة الصلاة.ا.هـ

    وأما الصلاة أمام الإمام ـ في مثل الحالة التي في السؤال من كثرة الناس وازدحامهم ـ فهي صحيحة كذلك، والعلم عند الله تعالى.

  • ما يقال عند رؤية الكعبة

    ماذا يستحب أن يقال عند دخول مكة وعند رؤية الحرم؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فليس لدخول مكة دعاء مستحب مخصوص، بل المطلوب أن يغتسل داخلها لو استطاع؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما {كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل، ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم}  متفق عليه، وأن يدخلها متخشعاً متذللاً متواضعاً لربه سبحانه مستحضراً عظمة المكان، وأنه أحب البقاع إلى الله تعالى، وأما عند رؤية الكعبة المشرفة فالدعاء المأثور {اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا   بالسلام} رواه سعيد بن منصور في السنن والحاكم والبيهقي

  • آداب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

    فضيلة الشيخ: وضح لنا آداب زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وما يستحب فعله؟ هل أدعو وأنا مستقبل القبر؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فزيارة قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أعظم الطاعات وأفضل القربات، وهي شرف عظيم لمن وفقه الله تعالى للإتيان بآدابه والحرص على أحكامه، ويسن لزائر قبر النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد المبارك أن يركع ركعتين تحية له إذا لم يكن الوقت منهياً عن النافلة فيه، ثم يأتي إلى القبر الشريف فيقف مستقبلاً إياه بوجهه، ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت خفيض؛ عملاً بقول ربنا جل جلاله {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} ويكفيه أن يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ويحسن به لو زاد: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا خير خلق الله، أشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده حتى أتاك اليقين من ربك؛ فجزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته ورسولاً عن قومه. ثم يخطو إلى اليمين خطوتين فيسلم على الصديق أبي بكر رضي الله عنه بقوله: السلام عليك يا أبا بكر يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم  جزاك الله عن نبينا وعن الإسلام والمسلمين خيراً، ثم يخطو خطوتين فيسلم على الفاروق بقوله: السلام عليك يا عمر، السلام عليك يا أمير المؤمنين، جزاك الله عن نبينا وعن الإسلام والمسلمين خيراً، ثم يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

    وعلى المسلم أن يستحضر أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمعه ويرد عليه السلام؛ لأنه حي في قبره حياة برزخية هي أكمل وأفضل من حياتنا، وليجتنب رفع الصوت أو إحداث بدعة من تمسح بجدار القبر أو حديده، وإذا أراد أن يدعو فليستقبل القبلة المشرفة وليدع بما شاء من خير الدنيا والآخرة، والله تعالى أعلم.

  • أماكن يستحب زيارتها في المدينة المنورة

    فضيلة الشيخ: أنوي زيارة المسجد النبوي فما هي الأماكن التي يستحب لي زيارتها في المدينة المنورة؟ وما فضائلها؟ وما الذي يستحب قوله وفعله عندها؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالمستحب لزائر المدينة المنورة أن يزور مسجدين وثلاثة مقابر، أما المسجدان فالمسجد النبوي المبارك، حيث تعدل الصلاة فيه ألف صلاة فيما سواه من المساجد، ومسجد قباء حيث تعدل الصلاة فيه أجر عمرة، وأما المقابر فأولها وأعظمها المقبرة التي ضمت في ثراها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه الصديق والفاروق رضي الله عنهما، ثم مقبرة شهداء أحد التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من زيارتها والترحم على أهلها، ثم مقبرة بقيع الغرقد التي ضمت في ثراها حوالي عشرة آلاف صحابي على رأسهم السيد الجليل عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأمهات المؤمنين كلهن سوى خديجة وميمونة، وبنات النبي صلى الله عليه وسلم الأربع والحسن بن علي وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزورهم ويسلم عليهم بقوله {السلام عليكم يا أهل بقيع الغرقد، ليهنكم ما أنتم فيه مما أصبح الناس فيه} ويدعو لهم بقوله {اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد}

  • طفت بعد العصر فهل أصلي ركعتي الطواف؟

    طفت بعد صلاة العصر فهل أصلي ركعتي الطواف؟ وأصلي بالحرم جميع الأوقات فهل أصلي تحية المسجد حتى لو كان الوقت وقت نهي؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ {واتخذوا  من مقام إبراهيم مصلى} فصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، ثم عاد إلى الركن فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا} وأما صلاة التطوع بعد العصر فقد ثبتت أحاديث في النهي عنها منها حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لا صلاة بعد صلاة  العصر حتى تغرب  الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس} متفق عليه، وفي لفظ {لا صلاة بعد صلاتين: بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب} رواه البخاري، وحديث  عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم {نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد  العصر حتى  تغرب الشمس } وفي لفظ عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لا صلاة بعد العصر حتى  تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس} رواه البخاري، وحديث ابن مسعود عند الطحاوي بلفظ {كنا ننهى عن الصلاة عند طلوع الشمس، وعند غروبها ونصف النهار} وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عند الطبراني في الأوسط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا تصلوا بعد الفجر  حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر  حتى تغرب الشمس} وحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه عند الطبراني أن  رسول الله صلى الله عليه وسلم {نهى عن  الصلاة بعد العصر} وعن علي رضي الله عنه عند أبي داود قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في أثر كل  صلاة مكتوبة ركعتين إلا الفجر والعصر} وعليه فإن الأفضل – خروجاً من خلاف أهل العلم – ألا تصلي ركعتي الطواف ولا تحية المسجد حال دخولك في تلك الأوقات، وهو الموافق لمذهب مالك رحمه الله، والله تعالى أعلم.

  • ما الفرق بين هذه الألفاظ في الدعاء؟

    ما الفرق بين ألفاظ هذه الأدعية:

    • يا رسول الله أسألك كذا وكذا
    • يا الله أسألك بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا
    • يا الله أسألك بحبي لرسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فأما اللفظ الأول: يا رسول الله أسألك كذا وكذا، فلا يجوز التلفظ به لأنه محض دعاء، والدعاء لا يكون إلا لله رب العالمين الذي قال {ادعوني أستجب لكم} ولا يرضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعوه داعٍ؛ لأنه نفسه عبد الله ورسوله، الداعي إلى توحيده جل جلاله وإفراده بالعبادة وحده، وأما اللفظ الثاني: يا الله أسألك بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فهو من باب التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو محل خلاف بين أهل العلم، والأولى خروجاً من الخلاف الاستعاضة عنه باللفظ الثالث: يا الله أسألك بحبي لرسولك صلى الله عليه وسلم كذا وكذا؛ لأن هذا توسل بعمل صالح وهو محل إجماع بين المسلمين، والله تعالى أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى