الفتاوى

  • التواجد في مكان فيه غناء

    ما حكم التواجد مع أشخاص يستمعون للقنوات الغنائية؟ علماً بأني أكون مشغولاً مع اللابتوب.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإن كنت مستطيعاً مغادرة ذلك المكان والانتقال إلى غيره فما ينبغي لك البقاء فيه؛ لأن الغناء المصحوب بالمعازف محرَّم عند جماهير العلماء ولا يحل للمسلم البقاء في مكان يمارَس فيه المنكر مع قدرته على إنكاره أو ترك المكان. والله الموفق والمستعان.

  • غناء المرأة وممارستها الرياضة

    / ما رأي الدين في الفنانات (المغنيات) اللائي انتشرن هذه الأيام في الإذاعة والتلفاز وكذلك فيمن يساعدهن (ويتبناهن فنيا) ومن يقدم لهن الأشعار والألحان ويتباهى بذلك؟

    2/ معلوم أن للرياضة فائدة للجسم ولكن ما رأي الدين في ممارسة الرياضة للنساء في الميادين والطرقات أمام الناس (لا يوجد مكان للرياضة في المنزل) علما بأن لبس الرياضة قد لا يتفق مع اللبس الشرعي حتى يساعد عليها كما في الجري والتنس.

    3/ وأخيرا أود أن أعرف هل مشاركة النساء في الدورات الرياضية والأولمبياد الإقليمية والعربية والعالمية بملابس غير محتشمة تفرض عليهن هل هو حرام؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالمرأة المسلمة مأمورة بألا تخضع بالقول، بل المطلوب منها حال كلامها مع الأجنبي أن تتكلم بطريقة لا تثير ريبة ولا تسبب فتنة ولا تهيج شهوة؛ قال تعالى {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن فولاً معروفا} ومعلوم أن الغناء يتضمن تحسيناً للصوت وترقيقاً له؛ ولربما يصحبه شيء من التغنج والتكسر الذي لا يجوز؛ ولا يقول بحل هذا مسلم فضلاً عن عالم، وعليه فإن الذي يسمح بمثل هذا ويشجع عليه شريك في الإثم والعدوان، ويخشى عليه أن يكون داخلاً فيمن قال الله فيهم {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}

    وقول النبي صلى الله عليه وسلم “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف” شامل للرجل والمرأة، وعليه فلا حرج على المسلمة في ممارسة الرياضة التي تصح بدنها وتحفظ عافيتها وتدفع بها عن نفسها الأمراض التي يجلبها الخلود إلى الراحة والدعة؛ لكن هذا كله مقيَّد بالضوابط الشرعية في ألا تشتمل على محرم من كشف عورة أمام أجنبي أو اختلاط بأجانب أو تشبه بالرجال، وكذلك يجب على المرأة أن تجتنب الرياضة التي تخرجها عن طبيعتها الأنثوية وما تقتضيه من نعومة، كرياضة كمال الأجسام مثلاً، ولتعلم المرأة أن قانون الشرع قضى بأنه {ليس الذكر كالأنثى} والخروج على هذا القانون مضر بالرجل والمرأة معاً، والله تعالى أعلم.

  • صلاة الجمعة لعمال التنقيب

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته شيخنا

    السؤال: فيما يخص صلاة الجمعة عند المنقبين عن الذهب في منطقة إنتهقا في إقليم غاوا في جمهورية مالي، -هل يجب عليهم صلاة الجمعة عندهم مساجد خشبية مع السرير والسقف لكن ليس جوامع؟ يمكن أن يمكثوا عام أو شهور او الأيام لا ينتقلون من مكان إلى مكان ويمكن عكس ذلك؟ ما كيفية شروط صلاة الجمعة في تلك الأحوال؟ نريد التفصيل على هذا الموضوع.

    وجزاكم الله خيرا وأطال الله عمركم في طاعته، نفعنا الله وإياكم بالعلم النافع.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

    فهذا المكان الذي تنقبون فيه عن الذهب تصح فيه صلاة الجمعة عند جمهور العلماء الذين لا يشترطون لصحة الجمعة المصر؛ فتصح عندهم في أي مكان به أبنية، وقد ذكرتم في سؤالكم أن هناك مساجد خشبية، خاصة وأنكم تبقون مدة طويلة قد تصل إلى عام، وفي ترك صلاة الجمعة هذه المدة خطر عظيم؛ وتفصيل ذلك أن الشافعية رحمهم الله تعالى اكْتَفَوْا بِاشْتِرَاطِ إِقَامَتِهَا فِي خُطَّةِ أَبْنِيَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، قَال صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ: لاَ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إِلاَّ فِي أَبْنِيَةٍ يَسْتَوْطِنُهَا مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمُ الْجُمُعَةُ مِنْ بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ.

    وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ: فَلَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ أَيْضًا، وَصَحَّحُوا إِقَامَتَهَا فِي الصَّحَارِي، وَبَيْنَ مَضَارِبِ الْخِيَامِ. قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي: وَلاَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ إِقَامَتُهَا فِي الْبُنْيَانِ وَيَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِيمَا قَارَبَهُ مِنَ الصَّحْرَاءِ.

    وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَإِنَّمَا شَرَطُوا أَنْ تُقَامَ فِي مَكَان صَالِحٍ لِلاِسْتِيطَانِ. فَتَصِحُّ إِقَامَتُهَا فِي الأْبْنِيَةِ، أَوِ الأْخْصَاصِ؛ لِصَلاَحِهَا لِلاِسْتِيطَانِ فِيهَا مُدَّةً طَوِيلَةً. وَلاَ تَصِحُّ فِي الْخِيَمِ لِعَدَمِ صَلاَحِيَّتِهَا لِذَلِكَ فِي الْغَالِبِ.

    قَال فِي الْجَوَاهِرِ الزَّكِيَّةِ فِي تَعْدَادِ شُرُوطِهَا: مَوْضِعُ الاِسْتِيطَانِ، وَلَوْ كَانَ بِأَخْصَاصٍ لاَ خِيَمٍ، فَلاَ تُقَامُ الْجُمُعَةُ إِلاَّ فِي مَوْضِعٍ يُسْتَوْطَنُ فِيهِ بِأَنْ يُقِيمَ فِيهِ صَيْفًا وَشِتَاء.

  • عقد تورّق

    شيخنا الجليل .. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

    ذهبت لأحد البنوك لإجراء تورق بعد تأكدي من جوازه من فضيلتكم ومن جمهور العلماء قديمًا وحديثًا، طلبت من الموظف شراء أسهم وبعد رد الموافقة فى اليوم الثانى بدأ التنفيذ  فأرجو أن تزيل استغرابى وتجيب أسئلتى تجاه هذا التنفيذ:

    بدأ الموظف يحسب كم سيعطينى من النقود وكم ربحه وكيفية السداد قبل شراء وبيع الأسم وبالطبع قبل استلامى النقود! فهل تمت المعاملة (الربوية) وما يجري بعد ذلك إجراء صوري فقط؟

    فى عقد البيع أن البنك يملك أسهم فى بنك الإنماء وفى طلب الشراء (أفيدكم برغبتى فى شراء أسهم بنك الإنماء)! فهل المعنى واحد أن البنك يملك الأسهم أم أن البنك وكلنى دون علمى بشراء الأسهم من الإنماء مباشرة ليتجنب خطر تذبذب سعر الأسهم وبالتالى لم يقبض؟

    وعليه هل هى مرابحة عادية حسب العقد أم هى للآمر بالشراء حسب طلب شراء الأسهم؟ سألته رجاءً ممكن أتابع معك على الشاشة؟

    إبتسم! وقال: لا عليك وهذا من شأنه قد يوحى بصورية ما سيحدث، أو أنه لا يوجد ملكية للبنك فى الأسهم أو لا يوجد تقابض فى محفظة البنك ولا محفظتى فهل يكفى فقط أن أصدق ما يقوله ويفعله وأنا خلف الشاشة؟

    لم أملأ طلب إنشاء محفظة، وطبعًا لم أرَ قبض أسهمى فى محفظتى على الشاشة! مع العلم أنه يوجد رقم حساب باسمي فى العقد وعندما بحثت عنه فى تداول البنك على النت لم أتوفق فى معرفة إن كان يوجد أم لا!

    حقيقة خيرنى بين الاحتفاظ والبيع، ولكن إن احتفظت يجب أن أبيع على النت، وإن أردت أن أبيع فقط الآن ولم يسمح لى بعد ذلك ولا حتى بعد الصلاة! وبحكم أنى لا أعرف فى التداول عبر النت لم يبق أمامى خيار آخر!.

    وكلته ليبيع وحذرته بلطف ألا يبيع للبنك ولا لمصرف الإنماء، قال: طبعًا إذا بعت للبنك حرام لكن نطرحها فى السوق للجميع وقد يشتريها مشترٍ مجهول.

    وفى عقد توكيل البيع بيعت للإنماء فهل يقصد طرحها فى سوق تداول مصرف الإنماء  ليشتريها أي من مساهميه أم أن هنالك تنظيم مسبق بين البنك والبائع الاول والمشترى الثانى وهو نفسه البائع الأول!؟

    هل من حقي الشرعي أن أحصل على نسخة من عقد البيع النهائى أم أن التوكيل وحده يكفى؟

    وقعت كلاً من العقد وطلب الشراء وطلب التوكيل بعد أن تحولت النقود فى حسابى!

    أخيرًا سألته يا أخي بنك الإنماء نقي؟ مع علمى إنه نقي فى كل الهيئات الشرعيه لعام 2015 عدا قائمة العصيمى.

    سألته أيضا البنك يملك الأسهم؟ وإن كان لا يملك هل قبضت الاسهم؟ نزلتها فى محفظتى؟ بعتها لطرف ثالث؟ فى الكل قال: نعم!! ولكن ما لاحظته أثناء التنفيذ يجعلنى غير مطمئن خصوصاً أني بحثت كثيراً عن التورق، فأرجو منكم حسب علمكم الشرعى ومراقبتكم للبنوك أن أعرف الرأي الشرعي في هذا التنفيذ، فإن كان حرامًا والله لا يهمنى ما حدث فبإمكاني إنهاء العقد حتى لو أخسر. والله على ما أقول شهيد.. وآسف للإطالة.. وجزالك الله ألف خير

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فأسأل الله تعالى أن يزيدك تقى وهدى وعفافاً وغنى، وأصحح لك معلومة حيث إنني لا أعمل في رقابة البنوك وليست لي عضوية في أي من هيئات الرقابة، وأسأل الله تعالى التوفيق للقائمين عليها، وجواباً على مسألتك أقول: يا أخي ما دمت مستريباً غير مطمئن للذي حدث في تلك المعاملة فخير لك أن تتخلص منها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسـلم “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك” مع قوله صلى الله عليه وسـلم “لا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به؛ حذراً مما به البأس” وسل الله أن يعوضك خيرا. والله الموفق والمستعان.

  • صليت استخارة ولم أجد نتيجة

    صليت الاستخارة للذهاب لطبيب مختص بتأخر الإنجاب، وقلت في استخارتي لو أن الإنجاب سيكون علي  يد هذا الطبيب أن يسهل أمري معه وإن لم يكن علي يده  فأبعده عني …الخ وتسهل امري وفجأة في آخر لحظة فشلت العملية وأنا الآن محتارة أين نتيجة الاستخارة؟ علماً بأني حاجة ومصلية وأصوم وأؤدي فروضي كلها واذكر الله كثيراً ارجو ان تفتيني في امري حتي لا يتزعزع إيماني في الاستخارة.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فصلاة الاستخارة تصح في كل وقت من ليل أو نهار؛ سوى أوقات النهي التي منع فيها النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة فيها؛ وهي حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب، وكذلك بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وفيما عدا هذه الأوقات فصلاة الاستخارة مشروعة، وأفضل أوقاتها ثلث الليل الآخر حين ينزل ربنا إلى سماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ ودعاؤها يكون بعد التشهد قبل السلام ويمكن أن يكون كذلك بعد السلام، والأمر في ذلك واسع.

    واستخارتك مقبولة إن شاء الله ما دمت قد نويت اتباع السنة وتفويض أمرك إلى الله تعالى، وعدم الاستمرار هو نتيجة الاستخارة؛ وما تدرين لعل الله تعالى قد صرف عنك سوء لا تعلمه {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له الإجابة في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة مثلها، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها” والله الموفق والمستعان.

  • الخروج مع جماعة التبليغ

    تحديداً مسجد بلال بجبرة أكون جالساً فيأتيني شخص ويقول لي: اخرج في سبيل الله. وعندما يبدأ يشرح لي ما هو الخروج؟ يقول لي: تعتكف بالمسجد لمدة أربعين يوماً أو سنة للدعوة؛ مع العلم أنهم يطوفون في شكل جماعات بعد الصلاة للمنازل حول المسجد لدعوتهم لصلاة الجماعة؛ مع العلم أنها نفَّرت الكثيرين من الصلاة في ذلك المسجد تحديداً؛ أرجو فتواكم في هذه المسألة لأنها حقيقة شغلت تفكيري.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فدعوة الناس إلى الله تعالى وأمرهم بالصلاة من خير خصال البر التي يتصف بها الموفقون، وقد قال ربنا سبحانه ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم)) وجماعة الدعوة مأجورون ـ إن شاء الله ـ في طوافهم على المنازل لدعوة الناس إلى صلاة الجماعة، وقد أحيوا بذلك سنة الصالحين من هذه الأمة؛ حيث ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على فاطمة وعلي رضي الله عنهما فقال {ألا تصليان} يعني صلاة الليل، وثبت أن غير واحد من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم كان إذا خرج إلى الصلاة نادى: الصلاة الصلاة.

    وأما طلبهم من الناس أن يشاركوهم في هذا الخير من الدعوة إلى الله تعالى وحث الناس على البر والتقوى فهو مما يحمد لهم، شريطة أن يكون ذلك بالأسلوب الشرعي المعتمد على الرفق والحسنى، وهذا ظننا بهم والله تعالى أعلم.

  • ثناء العلماء على ابن تيمية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السؤال: هل كان الإمام ابن تيمية رحمه الله مجتهدا وشيخ الإسلام، جزاكم الله كل خير

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

    فمن أجل أن تعرف قدر أبي العباس بن تيمية رحمه الله تعالى فانظر ما كتبه معاصروه وتلاميذه من أمثال الحافظ أبي الفداء بن كثير والحافظ شمس الدين الذهبي والحافظ أبي عبد الله بن القيم، أو من جاء بعدهم بيسير من أمثال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمة الله على الجميع؛ حيث قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى عنه: وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت أني ما رأيت مثله، وأنه ما رأى مثل نفسه. وقال أيضاً في علمه بالسنة: يصدق أن يقال كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث.ا.هـــ وقال فيه الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي في تقريظه لكتاب: “الرد الوافر” لابن ناصر الدين الدمشقي: وشهرة إمامة الشيخ تقي الدين، أشهر من الشمس، وتلقيبه بشيخ الإسلام في عصره باق إلى الآن على الألسنة الزكية، ويستمر غدًا كما كان بالأمس، ولا ينكر ذلك، إلا من جهل مقداره، أو تجنب الإنصاف، فما أغلط من تعاطى ذلك، وأكثر عثاره… ومع ذلك، فكلهم معترف بسعة علمه، وكثرة ورعه، وزهده، ووصفه بالسخاء، والشجاعة، وغير ذلك من قيامه في نصر الإسلام، والدعوة إلى الله في السر والعلانية.ا.هـــ وقال ابن كثير، وقد أثنى عليه كثيرًا: وأثنى عليه، وعلى علومه، وفضائله، جماعة من علماء عصره، مثل: القاضي الخوبي، وابن دقيق، وابن النحاس، والقاضي الحنفي قاضي قضاة مصر ابن الحريري، وابن الزملكاني، وغيرهم.ا.هـــــ وقال ابن دقيق العيد الشافعي فيه: لما اجتمعت بابن تيمية، رأيت رجلًا كل العلوم بين عينيه، يأخذ ما يريد، ويدع ما يريده.ا.هـــــ

    وقال فيه ابن عبد الهادي الحنبلي: وكان -رحمه الله- سيفًا مسلولًا على المخالفين، وشجىً في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق، ونصرة الدين، وكان بحرًا لا تكدّره الدلاء، وحبرًا يقتدي به الأخيار الأولياء، طنت بذكره الأمصار، وضنت بمثله الأعصار.ا.هــــ وقال فيه الحافظ ابن سيد الناس: فألفيته كاد يستوعب السنن والآثار حفظًا، إن تكلم في التفسير، فهو حامل رايته، أو أفتى في الفقه، فهو مدرك غايته، أو ذاكر بالحديث، فهو صاحب علمه، وروايته، أو حاضر بالنحل والملل، لم ير أوسع من نحلته في ذلك، ولا أرفع من رايته، برز في كل فن على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه.ا.هــــ

  • ضمان المبيع

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
    فإن كان هذا العطل ناتجاً عن عيب سابق للعقد في المبيع وظهر بعد التجربة والاستعمال فإنه من ضمان البائع، قال النووي القسم الثالث: العيب الحادث بعد القبض إذا أسند إلى ما قبل القبض…. ثم ذكر فيه وجهين:

    الأول: أنه على ضمان البائع في الأصح عند الشافعية وبه قال أبو حنيفة، فيثبت الرد وللمشتري أن يرد جميع الثمن.

    الثاني: أنه على ضمان المشتري وليس له الرد ولكن يرجع على البائع بالأرش… انتهى. والمراد بالأرش ثمن النقص الحاصل بسبب العيب.

    أما إن حدث العيب في المبيع بنفسه أو بفعل المشتري فلا ضمان، قال النووي رحمه الله القسم الثاني: إذا حدث العيب بعد القبض ولم يستند إلى سبب قبل القبض فإنه لا يثبت به الرد…. انتهى.

    وإنما لم يثبت الرد لأن المبيع دخل في ضمان المشتري بالقبض فلم يرد بالعيب الحادث.
    والمقصود أنه لا يلزم البائع قبول المبيع المعيب ولا يحق للمشتري إلزامه بالرد.
    لكن لو رضي البائع بقبول رد المبيع المعيب أو إصلاحه بلا إلزام من المشتري فلا بأس، لأن عدم قبول الرد من حق البائع فإذا أسقط حقه فما المانع منه، اللهم إلا أن يمتنع أخذه على المشتري لحق الشرع، كأن يكون المبيع عصيراً فتخمر (صار خمراً) عند المتشري ثم اطلع على عيب، فإنه لو أراد البائع أن يأخذه بعيبه لا يُمكَّن من ذلك لما فيه من تمليك الخمر، وهما ممنوعان منه بالشرع، وفي ضوء ما ذكر تعلم جواب سؤالك. والله أعلم.

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

    فالعيب الحادث في المبيع بعد القبض الأصل فيه أنه من ضمان المشتري، إلا إن كان العيب مستنداً لسبب سابق للقبض فحينئذ يكون من ضمان البائع

    والضمان التابع للمبيع إن كان متعلقا بسلامة المبيع وخلوه من العيوب فهو جائز، ويكون هذا الضمان زيادة في التأكيد لما هو من مقتضى العقد، وأما إن كان هذا الضمان مطلقا لكل ما يحدث للمبيع فهو محرم لما فيه من الغرر، وعليه؛ فإن كان هذا الخراب الحادث متعلقا بعيب قبل البيع فيجب عليكم ضمانه، وأما إن كان الخراب ليس ناتجا عن عيب موجود قبل البيع فلا يجب عليكم إعادة تركيب الباب. والله أعلم.

    إذا تم البيع وترك المشتري البقرة لدى البائع فهي أمانة عنده فلا يضمنها إلا بما تضمن به سائر الأمانات من تفريط في الحفظ ونحوه. وعليه فيلزم المشتري دفع ثمن البقرة الهالكة فهلاكها عليه، ويجب عليه تسديد الثمن فورا إلا أن يكون اتفق مع البائع على التقسيط.

    فما دمت قد تعاقدت مع البائع على شراء هذه الشاة، وتركتها عنده وديعة باختيارك، وافترقتما على ذلك فالبيع صحيح، وانتقلت بذلك ملكية الشاة إليك ولزمك دفع ثمنها، ولا يؤثر في ذلك كونك قد تركت الشاة عند البائع أمانة، أو لم تسلم الثمن لأن تسليم الثمن في الحال ليس من شروط صحة البيع.

     والأصل في هذا قول ابن عمر رضي الله عنهما) ما أدركته الصفقة حيا مجموعاً فهو من مال المبتاع) رواه الدارقطني، ورواه البخاري تعليقاً مجزوما به.

    وعلى هذا؛ فإذا هلكت هذه الشاة عند البائع دون تفريط منه، كانت مصيبتها عليك ولزمك دفع ثمنها، ولكن اشترط العلماء لوجوب الضمان عليك في مثل هذه الحالة أن تقوم بينة بهلاكها؛ وإلا لم يجب عليك ضمانها

    قال في التاج والإكليل: لو لم يقبض المبتاع الأمة في البيع الصحيح حتى ماتت عند البائع أو حدث بها عنده عيب وقد قبض ثمنها أم لا، فضمانها من المبتاع وإن كان البائع احتبسها بالثمن كالرهن. ابن رشد: المشهور من قول ابن القاسم أن السلعة المبيعة المحبوسة بالثمن رهن به تكون مصيبتها من المشتري إن قامت بينة بتلفها، وإن لم تقم بينة لم يصدق البائع في ذلك ولزمه غرم قيمتها.

    فالصائغ العامل في محله يعتبر أجيرا مشتركا، وقد اختلف العلماء هل يضمن أو لا يضمن إذا لم يكن منه تعد أو تفريط.

    والقائلون بتضمينه اختلفوا في أي شيء يضمن، فمن قائل إنه لا يضمن إلا إذا حصل تلف بعمله، ومن قائل إنه ضامن لما يمكن التحرز عنه كالغصب والسرقة والضياع، ومن قائل إنه يضمن طالما أنه انفرد باليد، ومما جاء في هذا القول الأخير ما ذكره صاحب الكافي: وأما الصناع فضامنون لكل ما ضاع عندهم فيما يغيبون عليه، ولا يقبل قولهم في هلاك شيء مما قبضوه واستعملوا فيه إذا انفردوا… انتهى.

    ومما يستدل على هذا أن عمر بن الخطاب ضمن أنس بن مالك رضي الله عنهما بضاعة كانت معه فسرقت أو ضاعت فغرمها إياه.

    وبناء على ما تقدم فالصائغ هنا ضامن في قول طائفة من أهل العلم لما ضاع من مجوهرات تلك المرأة. فلها أن تأخذ مثلها منه إن كانت مثلية، والمثلي هو ما له مثل أو نظير في الأسواق من غير تفاوت في أجزائه كالمكيلات والموزونات والمذروعات والمعدودات، أو قيمتها إن لم تكن كذلك أو تراضيا على القيمة.

  • التعامل مع غير المسلمين

    السلام عليكم ورحمة الله، سؤالي يا شيخ، نحن نعيش في دولة غربية، وفي هذه الدولة الإعلام يشن حملة علي الإسلام والمسلمين لتشويه صورتهم .. وفي مدينتنا نحاول التعرف على الناس وإظهار الصورة الحقيقة عن الإسلام، قبل عدة أيام ماتت امرأة كانت جارة لنا كنا نعاملها جيداً ونبتسم لها بالرغم من كل شئ وفي الحقيقة لقد أحسست بالذنب .. وأحسست انه كان من الواجب علينا عرض الإسلام عليها، ولكن كنا نسمع الناس نقول انها تدين باليهودية هي وزوجها، ولقد استحضرت كلام الرسول صلى الله عليه وسلم حين رأي جنازة يهودي وقال: أفلتت مني روح إلى النار..!

    فما الواجب علينا فعله؟ نحن نحاول التعامل بالأخلاق الحميدة .. ولكن نخاف أن نتكلم ونعرض على أحد الإسلام لأنه هنالك جزء من الناس لا يتفهم ويمكن أن يغير تعامله ولا يتقبل هذه الدعوة؟

    فما الواجب علينا فعله تجاه غير المسلمين .. وما حكم من تصله صورة مشوهة عن الإسلام سواء من الإعلام أو من المسلمين..؟؟ جزاك الله خيراً يا شيخ..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد.

    فجزاك الله خيراً على حملك هم هذا الدين، ولو كان كل مسلم يفد إلى بلاد الغرب – متعلماً أو باحثاً أو عاملا – يفكر في كيفية نشر الإسلام في تلك البلاد لكان الحال غير ما نرى، لكن أكثر الناس غاية همِّه ومبلغ علمه أن يصيب لعاعة من الدنيا ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    وجواباً على ما سألت عنه أقول: إن واجباً على المسلم أن يقدم دعوة الله إلى الناس، وعليه أن يتوقع أن يعرض عنه المعرضون {والذين كفروا عما أنذروا معرضون} وأن يسخر منه الساخرون {وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك} وأن يواجه بالأذى {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} لكنه على كل حال مأجور؛ سواء استجاب الناس لدعوته أم لم يستجيبوا، وقد حكى لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض الأنبياء يأتي يوم القيامة ومعه الرهط، وبعضهم معه الرهيط، وبعضهم معه الرجل والرجلان، وبعضهم ليس معه أحد‼ فإذا كان هذا حال الأنبياء فغيرهم من باب أولى، وقد لبث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، {وما آمن معه إلا قليل} فاستعن بالله ولا تعجز، ولك عزاء في قول ربنا سبحانه {فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر}

    هذا وإني لأنصحك بأن تقرأ في كتب نشر الدعوة، وتقرأ كذلك في سير الدعاة الصالحين من الصحابة فمن بعدهم؛ ليكون ذلك زاداً لك في الطريق، والله الموفق والمستعان.

  • بديل سجدة التلاوة

    ما حكم سجدة التلاوة؟ وهل هنالك ذكر بدلاً عنها؟ وهل ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركها أحياناً؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    سجدة التلاوة عند جمهور العلماء سنة مؤكدة، من أتى بها فهو مأجور ومن لم يفعل فلا حرج عليها؛ لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل حتى جاء السجدة فنزل وسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال: أيها الناس إنا لم نؤمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. رواه البخاري. وفي لفظ: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء} وليس ثمة ذكر يغني عنها بل إما أن يسجد القارئ والسامع أو لا يسجدان، وقد ثبت في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة فلم يسجد كما في سنن أبي داود عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ص؛ فلما بلغ السجدة نزل سجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها؛ فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود فنزل فسجد وسجدوا} وقوله: تشزنتم أي تهيأتم. والعلم عند الله تعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى