لقد عم الفساد بين بعض ضعاف النفوس من المنافقين؛ فأضحى الرجل منهم يأتي زوجته من دبرها!! ما حكم هذا في الدين؟ ولو تفضلتم أن تصحبوا الإجابة بالدليل من الكتاب أو السنة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإتيان المرأة في دبرها من كبائر الذنوب؛ فلا يجوز للرجل المسلم إتيان امرأته في دبرها، ولا يجوز لها تمكينه من ذلك لو أراد؛ لأن الله تعالى يقول {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} روى الترمذي عن ابن عباس قال: جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هلكت! قال {وما أهلكك؟} قال: حولت رحلي الليلة، قال: فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. قال القرطبي رحمه الله تعالى بعد أن أورد الأحاديث في تفسير هذه الآية: هذه الأحاديث نص في إباحة الحال والهيئات كلها إذا كان الوطء في موضع الحرث، أي كيف شئتم من خلف ومن قدام وباركة ومستلقية ومضطجعة، فأما الإتيان في غير المأتى فما كان مباحاً، ولا يباح! وذكر الحرث يدل على أن الإتيان في غير المأتى محرم.ا.هـ
وأما النصوص الثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم في النهي عن هذه الفعلة فهي كثيرة منها: ما رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ملعون من أتى امرأة في دبرها} وفي لفظ {لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها} رواه أحمد وابن ماجه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم} رواه أحمد والترمذي وأبو داود، وعن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها} رواه أحمد وابن ماجه، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لا تأتوا النساء في أعجازهن} أو قال {في أدبارهن} وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته في دبرها {هي اللوطية الصغرى} رواهما أحمد.
وبهذه النصوص يعلم قطعاً أن هذا الأمر حرام، وما ينبغي لمسلم أن يجترئ على الله فيزعم حله، والقول بالتحريم فتوى الراسخين في العلم منهم علي، وعبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وأبو هريرة، رضي الله عنه وبه قال سعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن، ومجاهد، وعكرمة، والشافعي، وأصحاب الرأي، وابن المنذر. وروي عن مالك أنه قال: ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يفتي أنه حلال.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: إن وطئ زوجته في دبرها فلا حد عليه؛ لأن له في ذلك شبهة، ويُعزَّر لفعله المحرم، وعليها الغسل؛ لأنه إيلاج فرج في فرج، وحكمه حكم الوطء في القبل في إفساد العبادات، وتقرير المهر، ووجوب العدة. إلى أن قال: ولا بأس بالتلذذ بها بين الإليتين من غير إيلاج؛ لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر، فهو مخصوص بذلك، ولأنه حرم لأجل الأذى، وذلك مخصوص بالدبر، فاختص التحريم به، والله تعالى أعلم.