كنت أعمل صرافاً في مؤسسة مالية، وطبيعة العمل في الخزينة تصحبه الفروقات زيادةً أو نقصاناً؛ فالصراف يقوم بدفع الفروقات من ماله الخاص، وأما الزيادة مهما كانت أسبابها (قد تكون دفعت لشخص قروش ناقصة من غير قصد وقد تكون ناتجة عن الكسور الصغيرة التي يتركها العملاء لعدم الفكة وكنت أضع الزيادة في صندوق خاص بي حتى أعالج منها الفروقات التي تحصل لي مستقبلاً دون رد الزيادة للخزينة؛ لأنني إذا رددتها لا أجدها في الوقت المناسب؛ حيث يقوم رئيس الخزينة بسداد الفروقات التي تحصل له في الخزينة منها وبالتالي لا أجدها في الوقت المناسب؛ مع العلم أن هذه الزيادة لا تخص المؤسسة لأنه وفي نهاية اليوم تسلم بدقة ما أخذته وما دفعته وترد المتبقي للخزينة وبالفعل قمت بدفع بعض الفروقات التي حصلت لي من هذا الصندوق، وأيضا دفعت منه لبعض المحتاجين إلا انه دخلت عليَّ من هذا الصندوق جزء منها باعتباري سوف أقوم بحفظ ما أخذته منها وبالتالي أرده أو أتصدق به في أوجه الخير المختلفة عند مغادرتي قسم الخزينة، ولكن عندما نقلت من قسم لخزينة أصبحت هذه المبالغ بطرفي وتصرفت فيها ولم أخرجها وأصبح هذا الموضوع يؤرقني كثيراً ليل نهار، وطيلة حياتي كان مبدأ الحد الأدنى عندي هو الأمانة وحتى الآن سوى هذا المبلغ (مع العلم أنى محتفظ بقيمة ما دخل عليَّ). أفيدونا أفادكم الله.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
أولاً: يحمد لك حرصك على السؤال عما تبرأ به ذمتك، وأسأل الله أن يزيدك أمانة وصدقاً، وتذكر دائماً ـ أخي ـ قوله تعالى )والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون( وقول النبي صلى الله عليه وسلم {لا دين لمن لا عهد له، ولا إيمان لمن لا أمانة له}
ثانياً: من دفعت له ماله ناقصاً عن غير قصد منك فالواجب عليك البحث عنه ـ إن أمكنك الوصول إليه ـ وتسليمه ما بقي له من حق عندك، وإن لم يتيسر لك الوصول إليه فتصدق بهذا المال عنه
ثالثاً: يحق لك سداد الفروقات من هذا المال إذا كان النقص في الخزينة ناتجاً عن دفعك لبعض الناس بالزيادة نتيجة لعدم وجود الفكة
رابعاً: المال الذي دخل عليك واجب عليك التوبة إلى الله منه، والتصدق به في وجه من وجوه الخير، والله تعالى أعلم.